صحوت في ساعة متأخرة
حاولت أن أتلمس خطواتي في الظلام
مددت يدي .. أشعلت الضوء القريب منّي .. للحظة لم أعرف أين أنا ؟!!
.
.
وقفت أمام المرآة
هالني شكل ملامحي .. موت الضوء بداخلي
وعبوسي !!
حاولت أن ابتسم
لم أشعر بشفتي
تناولت قلم أحمر الشفاه
وضعت شيء منه .. شعرت به يتملص من بين أصابعي
ويسقط فوق منضدتي
وكأنه يقول .. رجاءً لا تحاولي أخذي مرة آخرى !!
.
.
هذا اليوم كئيب
كئيب جداً
.
.
عزمت على خلق الفرحة بداخلي
سأنتزعها إنتزاعاً
هاتفت صديقتي
أتفقنا على الخروج
قبلت رأس والدتي
قلت لها ( يمه .. أدعي لي )
بحنانها المعتاد .. وبملامستها لداخلي دون أن أحكي أي شيء
قالت ( الله يفتح على قلبك يابنتي )
حاولت رسم ابتسامة كبيرة
ومشاغبتها .. خفت من نظرتها الخائفة عليّ
( ايه يفتح على قلبي .. بس ولد أختك ما راح أوافق عليه )
.
.
( روحي يا يمّه .. لا تتأخرين على خويتك )
.
.
الرياض تسبح في العتمة
الأضواء في كل مكان
لكنّي أشعر بالظلمة تصفعني في كل خطوة
تذكرت .. أنا لم أخرج لأسقط في هذا السواد !!
كالعادة
إلتفت السائق نصف إلتفاته
وبلغة عربية مكسرة
( فيروز .. يا أنود )
.
.
وافقته بهدوء
( فيروز .. يا محمد )
.
.
أتى صوتها
ليُحيلني لشظايا صغيرة
يُمرجحني صوتها .. يأخذني منيّ
سرقة مباحة .. بلا شك
.
.
أنا مين اللي صحاني من عز النوم
وصوب عيونك وداني من أول يوم
.
.
توقفنا إشارة المرور
*حمراء
*خضراء
*صفراء
*حمراء
يااااااااااااااااه
الطريق يزدحم بالكثير
الوجوه
السيارات
المجانين
.
.
أقتربت من الزجاج
تفرست في ملامح أحدهم
كان يتحدث بمفرده
حركة يديه المضطربة ,, إيماءته
إلتفاتته في كل إتجاه
كانت الحيرة تسكن ملامحه
كأنه يهرب من ذاته !!
فجأة إتجه بنظره ناحيتي
خفت ., تراجعت
تمنيت أن تضيء إشارة المرور بسرعة
.
.
بضع طرقات خافته على زجاج السيارة
تُنبهني لما يدور بالخارج
وجه ذو ملامح قاتمه
ربما هو أبن العاشرة أو الثانيه عشرة
جسد نحيل يندس في ملابس واسعة فضفاضه
أنزل الزجاج برفق
( نعم )
يرفع لي مجموعة من الأوراق المنكمشه
داخل كفيه الصغيرتين
( تكفين .. الله يخليك
هذي فواتير الكهرباء .. والماء .. والدي مريض
و.... و .... )
ألعن بداخلي الحاجه
وشركات الكهرباء
والماء
وهذا الزمن
الذي أهدر قيمة كل شيء !!
.
.
يبدو أنني لن أصل لمنزل صديقتي
إلا بعد أن أمّر على كل وجه عابس بالرياض !!
.
.
تضيء إشارة المرور
يتسارع الجميع للهروب من الإختناق
الجميع يهربون من ...
أو يهربون إلى ...
.
.
أعيد الأتصال للمرة الثالثة
لا أحد يجيب !!
.
.
( بسرعة يامحمد )
.
.
أقف عند منزل صديقتي
أعيد الأتصال من جديد
تفتح الخط
بصوت مضطرب
(أنا طالعه لك .. دقيقه بس )
.
.
تمتد تلك الدقيقة إلى دقائق !!
ياتُرى ما الذي حدث ؟!
خشيت من النزول لمنزلها
سيارة زوجها بالخارج !!
متى عاد ؟!
كانت تقول
أنه مسافر في رحلة عمل ولن يعود
إلا بعد يومين !!
.
.
فجأة
ينفتح باب المنزل
تخرج تجر بيدها أبنتها الكبرى
وتتبعها خادمتها .. تحمل طفلها الرضيع
تركب بجانبي
وأول كلمة تقولها
(عنود ....
تكفين وديني بيت أهلي )
وتجهش بالبكاء
.
.
.
عدت أدراجي للبيت
بعد أن أوصلت صديقتي لمنزل عائلتها
في العودة
مررت بنفس الطريق
نفس الإشارات .. لكنها كريمة هذه المرة
تُضيء بسرعة
لا إزدحام .. لا ساعات من الإنتظار
كأن الليل يريد إيصالي لمنزلي بكل راحه !!
.
.
.
ألم أقل هذا اليوم كئيب
كئيب جداً !!