وأما استبطان الصبر فمذموم لأنه ضعف في الحس وقسوة في النفس وقلة رحمة وهذه أخلاق سوء لا تكون إلا في أهل الشر وخبث الطبيعة وفي النفوس السبعية الرديئة.
فلما كان ما ذكرنا يقبح كان ضده محموداً وهو استبطان الجزع لما في ذلك من الرحمة والشفقة والفهم بقدر الرزية فصح بهذا أن الاعتدال هو أن يكون المرء جزوع النفس صبور الجسد بمعنى أنه لا يظهر في وجهه ولا في جوارحه شيء من دلائل الجزع .
ولو علم ذو الرأي الفاسد ما استضر به من فساد تدبيره في السالف لأنجح بتركه استعماله فيما يستأنف وبالله التوفيق.