منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - " مُهم ـل "
الموضوع: " مُهم ـل "
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-14-2020, 09:03 PM   #91
عَلاَمَ
( هُدوء )

الصورة الرمزية عَلاَمَ

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 50977

عَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعةعَلاَمَ لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي




" جزء من رسالة.. "







عزيزي فيصل

لا يكفي أن يكون للمضطهَد ساعدان إضافيان لإطلاق النار في الإتجاهات الأربعة، يجب أن يكون هو ذاته، في حالات معينة، وربما كثيرة، خاصة في المرحلة التي نعيشها، قنبلة موقوته، أو غير موقوته، لا يهم، حتى إذا انفجر يوقع أكبر خسارة بمضطهديه، ويعطيهم درساً. إن الذي يطلق النار بالإتجاهات الأربعة محاط بكم هائل من الأعداء، محاصر، يائس، أو لا أمل له، ولذلك يحق له أن يقتل أكبر عدد من أعدائه قبل المغادرة.
هذه هي حالتنا الآن: الأعداء من أمامنا ومن خلفنا، الأعداء في كل مكان . إنهم يسّدون الطريق. لا يريدون لنا النجاة، ولأن القوى غير متكافئة – وهذه الفرضية تحتاج إلى تدقيق- يمكن لليائس أن يدمّر الهيكل على من فيه! ولكن ماذا نملك من الأسلحة لنفعل ذلك؟
السلاح الوحيد: الكلمة. وإذا اعتبرنا أن الموقف – السلوك سلاح آخر، فلا بد أن نجعل سلوكنا قريباً لما نقوله، لما نكتبه، إذا لم نستطع أن نطابق بينهما تماماً، وعند ذاك نردّ الإعتبار لأشياء يمكن أن تكون طريقاً لنا ولغيرنا، ويمكن أن تحمينا وتحمي غيرنا . ما يثير في نفسي الأسى، وبعض الأحيان الغضب، أن الكلمة تعهّرت، لم تعد تعني دلالتها، وبالتالي أصبحت سلاحاً أعشى أو اعمى، خاصة على أيدي كتّاب السلاطين ومرتزقة النفط، ولأنها أصبحت مبذولة هكذا تراجعت الثقة بها، فقدت تأثيرها وفعاليتها، وأي محاولة لإعادة استخدامها كسلاح تتطلب الكثير من الجهد والمصداقية.
كيف يمكن أن نحول الكلمة، من جديد، إلى طلقة، إلى قوة محاربة ؟ وكيف نستطيع أن نخلق وعياً لدى الكثيرين من أجل تمييز الكلمة الصادقة من الكلمة المزيفة الخادعة والغشاشة؟
بالتأكيد ليس هناك وصفة جاهزة، وليس من السهل الوصول، لكن الإصرار، وتقديم النموذج الحقيقي، القوي والمتألق والصادق أيضاً، يساعد في خلق وعي وذائقة، وبالتالي قدرة على التمييز . ومن هنا، ودون أن نقصد، فإن شيئاً ما يتراكم في وجدان الناس ويخلق لديهم حساً ملعوناً في اكتشاف الكذب . هل يمكن المراهنة على هذا الشيء الغامض؟
هل يمكن، بوعي، تنميته وزيادته لكي يصبح مثل جهاز كشف الكذب؟
يبدو لي أن المطلوب هو الإستمرار، وبذل جهد أكبر من أجل تقديم شيء أفضل، وهذا الشيء ذاته يصبح مقياساً ويعلّم الكثير والكثيرين.
أنت تسمي هذا «علم جمال المضطهدين». تسمية رائعة ويمكن أن نبلورها، أن نشتغل عليها، لكي تصبح مثل «معذبو الأرض» لفانون. نقول للناس داءهم إذا لم نستطع أن نصف لهم الدواء، ومعرفة الداء نصف الشفاء، كما يقولون.



1989م
عبدالرحمن منيف




 

عَلاَمَ غير متصل   رد مع اقتباس