منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - دنيا المطار ..وكلٌ في فلك يسبحون .
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-13-2020, 02:02 AM   #1
إبراهيم عبده آل معدّي
( كاتب )

افتراضي دنيا المطار ..وكلٌ في فلك يسبحون .


كنت ذات ليلة في المطار وكنت أظن أني ذاهب لاستقبال ولدتي رحمها الله وغفر لها ، ولكن انتهزت الفرصة لمحاولة التأمل في تلك الوجوه ، فهناك المنتظر القلق على قريبه أو صديقه أو شخص يهمه متى سيصل وكيف ستكون هيئته ، وهناك من يعود بعد سفرة والحنين يلفه حتى أنك ترى ذلك في قسمات وجهه وابتساماته دون أن يكون أحد لجانبه ،وهناك من القادمين من اعتلى الغضب قسمات وجهه ولا أدري أهو تكوين فيه أم أنه قادم على مالايرغب أم أن هناك مالايريد أن يقدم إليه ولكن الظرف أجبره ، وهناك من القادمين ارتز وهو يمشي وكأنه مكتب فخم لمعاليه ولكنه يمشي على رجلين فقد شكّل لحيته على هيئة شعار زيت (سوبر شل)وقاس جانبي ذلك الشعار بمسطرة وقلم وحسب مقدار القسمة على اثنين عند تضبيطه لشاربه وقد اكتسى ثوبا يبدو عليه ثمنه المرتفع بينما تمسك بيد (السبحة) وباليد الأخرى (البشت)والغترة تتدلى على كتفيه اللتين اقتربتا من رقبته ، ثم ترى من القادمين رجل عجول جدا وقد ارتفع حاجباه وحلق لحيته تماما وأزال شاربه حتى أنك تكاد ترى رسم أسنانه لكثرة مايحلق شاربه فقد رقت بشرته مكان الشارب وتراه وهو ممسك بتلك الشنطة التي تسير على (عجلات)ليلحق مايريد وخيل لي أنه رجل أعمال ولكنه على عجل ، وتنظر مرة أخرى لترى مجموعة من المنتسبين للخطوط بين القميص الأبيض و (الكوت) الكحلي ومما يميز هؤلاء ضحكاتهم وابتساماتهم وسلامهم الحار على بعض ، ومن ثم ترى من يحمل الحقائب في العربات فهذا يعطونه عشرة وذاك يعطونه ثلاث ريالات فبين راض بالثلاثة ريالات وبين ناقم وساخط على العشرة ، وبين هذا وذاك ترى رجال كلما خرج أحد القادمين إلا بادروه(تاكسي؟)(مشوار ؟) أسأل الله أن يرزقهم رزقا حسنا ،وتنظر يمينا لترى أماكن بيع العطور وتنظر شمالا لترى أماكن تأجير السيارات وتنظر خلفك لترى مكاتب شركات الاتصالات وكلٌ في فلك يسبحون ، وعلى الرغم من كل ذاك فما أن يصل الذي كنت تنتظره إلا وتنسى كل شيء وأنت تصحبه مستأنسًا بالحديث معه ومرحبا به ، ومغادرا ذلك العالم لعالم آخر في حيّنا وبين مجموعة من البشر اعتدت على رؤيتها حتى لو لم تعرف بعضهم أو كثيرا منهم إلى أنك تشعر هنا بألفة لا تدري ماسببها عكس ماكنت فيه أثناء وقوفي في المطار.

 

التوقيع

اللهم ارحم أمي وأبي واغفر لهما وثبتهما عند السؤال ، واكرم نزلهما ووسع مدخلهما ، ونقهما من الخطايا ، واجعل قبرهما روضة من رياض الجنة ، واجعل الفردوس الأعلى جائزتهما .. اللهم آمين

إبراهيم عبده آل معدّي غير متصل   رد مع اقتباس