سألني أحد الأصدقاء كان حاضرا بجانبي لحظة قراءتي لموضوع الترحيب هنا : كم من المنتديات سجلت فيها حتى الآن .؟
كان سؤاله موجها لي بصيغة انتقاد ، وكأنه يحاسبني على هذا الأمر . فكرة صاحبي هذا هي أن كل منتدى هو عبارة عن مدينة ، ومجموع الأعضاء لكل منتدى هم السكان . لذلك يعتقد أن من باب الاستقرار أن يختار كل شخص لنفسه مدينة واحدة ليعيش فيها .
ما لا يعرفه صاحبي أن الأدب والثقافة والفكر حياة لا استقرار فيها ، وان التواجد في كل مدينة إنما هو مجال لاختبار الحياة ، ولو حدثته عن فوائد الأسفار وكيف أن التنقل من مدينة لأخرى يزيد ذخيرة الإنسان المعرفية ، المشكلة لا تكمن في الأماكن بل فينا نحن ، إذا اخترنا ان نكون أنفسنا أينما ذهبنا فهذا أمر يجعلنا متشابهين مهما اختلفت أماكن لقاءنا . إذا حاول الإنسان أن يجعل من شخصيته ثابتة بوتيرة واحدة مهما اختلفت الأماكن والظروف فهو بذلك يحاول أن يمنع نفسه من تجربة الحياة التي هي في المنتديات عبارة عن مجال أوسع من الثقافة والفكر .
لكل مدينة قوانينها ولكل مجتمع عاداته ، ورغم أن الجميع هنا هم الجميع لإي أي مكان آخر ، ولكن البحث عن الاختلاف لا يكون بتغيير الأماكن بل بأن ننطلق من أنفسنا ونغير فيها ما استطعنا ، الأجواء اليت نكررها أينما ذهبنا ، ستبقينا سجناء لحقيقة التشابه والذي سيدفع بنا في الأخير إلى الملل .
من الجميل جدا ، أن يجعل كل إنسان منهجا جديدا يتبعه في محاولة لمقاربة الاختلاف المنشود في مكانه الجديد ، نحن سواء تقابلنا على الانترنت أو في الواقع ، سنظل نتعامل بنفس طريقة المجتمع الذي خلقنا فيه، لا نستطيع إلا تلبية الدعوة والحضور أنسا بالصحب والأصحاب ، نطارحهم الأفكار والمشاريع الثقافية بحصا عن متنفس جديد وأحلام حديثة وآمال ربما فقدت بريقها في أماكن سابقة .
عاهدت نفسي ( منذ مبطي ) أن أكون مختلفا أينما حللت ، وأن اجعل من قيمة تواجدي مكملة لقيمة المكان الذي احضر فيه ، الجميع قادر على مليء الخانات ، وكل منا خلق لنفسه قالبا في مكان آخر ، ولكن سيظل هناك أشكال أخرى وخانات أخرى ، نستطيع ملأها وتلبسها ، لنكمل الفراغ الذي يخلقه التكرار والروتين .
أعزائي جميعا ، أشكر لكم ترحيبكم وإطرائكم ، لاحظت أن هناك من عبر عن إعجابه بي ولم أعلم أنه قط قد تابعني أو سمع باسمي ، ربما الانعزال داخل متصفحاتنا وقراء عدادات الزوار تجعلنا نتعامل مع بعضنا البعض ككائنات رقمية تشابه كل هذا النت الممتد .
الجميع يستحق ان افرد له ردا مستقل ، ولكن أن اعدهم بالجديد وان اعدهم بأن أكون عند حسن ظنهم بي ، هو هديتي التي أقدمها لهم جميعا . تحياتي لكم جميعا ، وكم كنت اتمنى لو انني انسبت بهدوء إلى هذا المنتدى واختلط دون ترحيب ودون استقبال ، ولكن كنتم كرماء وكنت أنا استحق .
شكرا لكم جميعا
تحياتي الخالصة .