منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - رواية قنابل الثقوب السوداء أو أبواق إسرافيل.كتارا
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2020, 03:39 AM   #19
إبراهيم امين مؤمن
( كاتب )

افتراضي


اغرسْ في أرضك بذورًا تصلح لها..
سبعة أشهر مضتْ على زلزال كاليفورنيا...
اجتاز فهمان الثانويّة العامة ولمْ يكنْ بين العشر الأوائل على مستوى الجمهوريّة ، مع أنّ أبيه كان يعتقد أنّه سوف يكون أولهم .
اِغتمَّ فطينُ وسأل ابنه عن هذه العبقريّة المفرطة التي لمْ تُفعّل في الدراسة .
أجابه فهمان قائلا ً..أبتِ أنّا منشغل دائمًا بالبحثِ والتقصّي في العلوم التي أعشقها مثل الفيزياء ، وقد قرأت أكثر من مئة رسالة دكتوراة ووعيتها جميعًا .
ولذلك انشغلتُ كثيرًا عن باقي المواد وأهملتها سهْوًا فقللتْ مِن المجموع الكلّي .
اقتنع فطين بكلامه وذهل من كم رسائل الدكتوراة التي قرأها ووعيها جيدًا .
قال فطين لولده ..وماذا بعد ؟ أىّ كليّة تحبّ ؟
-ردَّ بحزم ..كليّة العلوم .
-أتكتب أوّل رغبة علوم القاهرة؟
-تلعّثمَ ولمْ يقوَ على الكلام فصمتَ ، ثمّ أطرق في أسىً بالغٍ ليداري ما به ؟
-ما لك لا تنطق ؟ اِرفع رأسك وتبسم ..أريد لكَ العلوم في جامعة ..سكت هنيهة ..في جامعة بيركلي بكاليفورنيا ..فما رأيك؟
انفجرتْ عينا فهمان مِن البكاء فرحًا ووجلاً ، واحتضنَ أبيه وقبّل يديه .
-بعد ذلك سأله أبوه..أتعلم كمْ النفقة ؟
-كثيرًا يا أبتِ كثيرًا ، لكنّني لمْ أعلمها بالضبط ، لأنّي كنت أطرد الفكرة بمجرد أن تخطر ببالي .
-اِعلمْ وأخبرني ، كذلك أخبرني بترتيبات اللحاق ببيركلي..الشروط والنفقات والإقامة ..الخ.
-سمعاً وطاعةً يا أبتِ .
جلس فهمان أمام الحاسوب ليبحث عن شروط القبول والنفقات و..الخ .
فلمّا قرأها تفجّع قائلاً .. كارثة . نفقات الالتحاق باهظة جدًا .
انصدعَ قلبُه وامتقعَ وجهُه بعدما أيقن انّه لا سبيل للسفر إلّا بالمنحة الدراسيّة ، وهو يعلم أنّ أبيه لن يوافق ، فهو يرى أنّ المنحة شحاذة ، وممّن ؟ من عدونا .
تصفّح أكثر فوجد أنّ المنح الدراسيّة لا توهب إلّا في حدود ضيقة جدًا.
حان وقتُ المساءِ وأتى فطين مِن الخارج ثم أخذه وخرجا قاصدين السيرك ، وسأله في الطريق قائلاً هل أنجزتْ المهمة ؟
فردّ عليه : لا أريد السفر يا أبتِ ، النفقة كثيرة وفوق طاقتك بكثير .
سمعها فطين وسأله عن حجم المصروفات فلمّا أجابه ذُهل فطين وانتكس .
ومِن الغمِّ الذي سيطر على أوصالهما قرّر فطينُ إلغاء عرض الليلة ، وقفلا راجعيْن إلى المنزل .
ظلّا صامتيْن ساعات ، الحزن قد ألجم اللسانين فخرسا ، لكن فطين القويّ ما وقف في حياته عاجزًا أبدًا ، فبدّل كثافة الصمت القاتل بقوله ..ستسافر يا ولدي مهما كان الثمن ، أعدك بذلك ، ستسافر وربّي .
ثُمّ باغتته نغمة هاتفه ، إنّه الطبيب مؤيد .
-مرحبًا صديقي الطبيب .
-كيف حالك يا فطين ؟
-الحمد لله .
-مبارك لولدك .
-الله يبارك فيك .
-كيف حال سركك ؟ سمعت أنّك تكسب كثيرًا ..
-الحمد لله .
-نريد منك خدمة .
-اتفضل .
-لنْ ينفعَ الهاتف ، أنا أمام المبنى ..انزلْ وقابلني .
نظر إلى ابنه وطمأنّه مرّة أخرى حيث قال ..لا تستهن بأبيك فأنا ما أعجزني شئ من قبل حتى أعجزُ الآن عن تحقيق حلم هو حلمي قبل أن يكون حلمك .
نزل فطينُ لمقابلة مؤيد وقابله على مدخل المبنى المشرف على أعمال السيرك يستحثّه على الإسراع حيث أنّه تأخّر عن موعده أكثر مِن ساعة ، ورغم ذلك فالناس لمْ تغادرْ المكان وتترقّب عودته بلهفة .
فقال فطين له اعتذرْ لهم عن تقديم عرض الليلة لأنّي مريض ، فلمّا مضى خطوات للأمام رجعها مرّة أخرى ثمّ أخرج من جيبه خمسين دولار وقال له أعطها لمن لم يجد في صنايق القمامة طعامهم اليوم ، ثمّ استقلّ سيارة مؤيد ومضى .

الجزء الثامن
إذا أردتَ أنْ يصدّقَ الناس أكذوبتك فصدّقها أنت أولاً .
حقول القوى..درع الإله..
وفي مكانٍ خالٍ وقفت السيارة وكان في انتظارهما بروفيسور في تكنولوجيا الفلك والفضاء وهو منهم ، نزلا وقابلاه ثمّ ارتجلَ ثلاثتهم .
-قال فطين لمؤيد ..أأمرني صديقي ..قلتَ تريد خدمة ..
-قال مؤيد موجّهًا كلامه لفطين ..المقاومة داخل فلسطين وخارجها معرضة للخطر ..قالها بوجه ممتقع .
-ردّ فطين متفجعًا..يا خبر أسود ، كيف ؟
-أخبره مؤيد ..تكنولوجيا الأقمار الصناعيّة لعنة الله عليها ، جاءنا مِن أحد عيوننا وهو منّدس بينهم أنّ هناك أنباءً بامتلاك إسرائيل لقمرٍ صناعيّ تصميم أمريكيّ باستطاعته رؤية ما تحت القشرة الأرضيّة .
-فطينُ ..كيف ذاك ؟
كلُّ ما أعلمه أنّ عمليات الرصد والبحث ما هي إلّا مجموعة مِن أجهزة استشعار ومجموعة من أجهزة الزلازل وأدوات تنصّت كالميكروفون وأشياء من هذا القبيل .. الخ .
كما أنّ الأقمار مِن خلال أجهزة الاستشعار الراديويّة تستطيع أن ترصد وسط الضباب ، أمّا أنّها تخترق القشرة الأرضيّة فهذا مستحيل .
-نظر البروفيسور إلى فطين دهشًا ومُعجبًا معًا ولكنّه لم ينبسْ له بكلمة .
-قال مؤيد ٌ..كلُّ أساليب رصدهم تحاشيناها في أنفاقنا الرئيسة التي تعتمد عليها المقاومة بشكل رئيس لأنّها أنفاق محصنة ، أمّا الغير محصنة فسقط بعضها وهي أنفاق مهملة لأنّها مجرد مخازن نلقي فيها بعض متاعنا .
-قال فطين..إذاً جهّزوا باقي الأنفاق بالتكنولوجيا الحديثة وتنتهي المشكلة.
-مؤيد ..ليست المشكلة في الأنفاق الغير مجهّزة ، إنّما المشكلة أنّ الأنفاق كلّها بلا استثناء قد تُدمّر ..للأسف يا فطين حتى الأنفاق خارج فلسطين معرّضة للتدمّير الكامل أيضًا .
-فطين .. كيف ؟ الأنفاق داخل فلسطين كلام معقول وإن كنتُ أأمل ألا يحدث ذلك ، أمّا خارج فلسطين فكيف ؟ كيف؟.
-مؤيد لفطين ..معظمها في شمال شرق سيناء وجنوبها ، ويعقوب إسحاق لا يألوا جهدًا لتدميرنا ، وأنتَ تعلم أنّه استطاع أن يُمضي الاتفاقيّة الرباعيّة الآثمة فتعرّضتْ أنفاقنا للخطر في شمال شرق سيناء.كما استطاع أن يأخذَ فندق هيلتون طابا فتعرضنا للخطر أيضًا في جنوبها ، والآن يريد أن يعرّي كلّ الأنفاق بالقمر الصناعيّ الجديد ، فيباد اتّحاد المقاومة عن آخره.
-قال فطين..لعلها حرب إعلاميّة يا دكتور .
-نظر البروفيسور إلى فطين وأعجب بكلامه ، طأطأ رأسه على كلمتة الأخيرة وظلّ صامتًا أيضًا ..

 

إبراهيم امين مؤمن غير متصل   رد مع اقتباس