منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - يَومِيات.. قَلْب.. مَفْطور..!
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-29-2020, 06:45 PM   #15
جليله ماجد
( كاتبة )

افتراضي النبضة الخامسة... حمى الشوق...!


.
.
.
.

- إنها حمى..!
- ماذا؟
- الجهاز يقول هذا الكلام..
أنظر إلى جهاز قياس الحرارة و أنا أكح بحدة..
-38.5.. تباً.. سأغيب عن المدرسة و الطالبات عليهن اختبار سأخبر المسؤولة.. لحظة..!
.
.
.
جلبت لي مدبرة المنزل ثلجا و قطعة قماش و عصير برتقال.. شكرتها و نظرت للساعة إنها السادسة.. العيادة ستفتح بعد ساعتين.. لا بأس سأنام قليلاً..
أحلام الحمى غريبة جدا.. كرتونية و غير واقعية و مضحكة.. استيقظت في الساعة العاشرة و أنا أرتجف من الحمى.. غسلت وجهي و بدلت ملابسي و اتجهت للعيادة..
.
.
.
انتظرت دوري.. و بالرقم عرفت أنني يجب أن أدخل على الطبيبة.. طرقت الباب و سلمت على الطبيبة بابتسامة مهتزّة .. تهاويت على الكرسي ارتجافا..
هذا غريب.. الطبيبة صامتة و تنظر إلي.. تحك عيونها.. تفتح ملفي الطبي.. تقرأ اسمي كاملاً.. تشهق :
- هذه أنتِ يا أبلة؟
رفعتُ رأسي المتخدر و أنا أعدل النظارة و أضيّق عيوني بحركة لا يعرفها سواء ضِعاف النظر..
- لا تتذكريني أبلة.. إنه المكياج كما تعرفين..
بدأت السخونة تنتقل إلى خدودي حرجاً هل هي من المدرسة الأولى أم الثانية أم الثالثة .. نظرت لها بعيون دامعة و أنا أفكر..
- مريم؟
- نعم أبلة! حبيبتي أبلة.. سلامتك!
- مريم محمد علي الصف السابع2.. صح؟
نهضت من مكانها و احتضتني هامسة :
- أنت أفضل معلمة مرت عليي في حياتي لا أحد يشبهك..
- و أنا أحبكِ يا مريم.
من حسنات عملي أنني أجد طالباتي في كل مكان و هن فعلاً يقدمن لي كل حب و حنان غير مشروط أبداً..
أرى فيهن اعترافاً جميلاً بمدى تأثيري الإيجابي بهن أنا معلمة اللغة العربية التي لن يدفنها النسيان.. هذا يكفيني و يفرحني جداً..
- بم تحسين أبلة؟
- حمى و سخونة.
- افتحي فمك أبلة قولي آه.. متى أحسست بالحمى؟ هل لديكم أحد به زكام في المنزل؟
فتحت مريم ملفي و قلبته بحركة سريعة و هي تنظر إليّ
- كتبت لك مضاداً و مسكناً للألم و دواء للسعال.. أممم..
هل تحتاجين (Singulair)؟
- لا.. لا أحبه.. يخدرني طوال اليوم.
- لكن أبلة لا يخفف عليكِ الربو قليلاً؟
- لا أريده يا مريم يحولني لزومبي .. أريد بخاخ (Ventoline) إذا ممكن؟
- من عيوني.. و كم يوم تريدين للإجازة؟
- القانوني.. لا أريدكِ أن تقعي في ورطة يا دكتورة.
- لأجلكِ نخرق القانون.
-ضحكت من قلبي و أنا أقول : لا يا حبيبتي ربي يسعد قلبك.
- لا زلت صاحبة المبادئ التي لا تتزحزح.. القيم التي درستيها لنا لم ننسها يوماً.. شكرا على كل شيء أبلة!
- هذا أقل من واجبي.. و بداخلي أهمس : أنتن زرعي الذي لا يبور.. أبداً..
.
.
.
أمسكت كيس الأدوية و أنا أتجه للسيارة.. و أرتجف من الحمى التي تجعلني أعرق و أجف.. ثم أنتفض.. فتحت السيارة ووضعت رأسي على المقود و أنا أفكر.. يا الله.. لقد كبرتُ فعلاً.. تمر الأوقات بسرعة و يمر الوقت بشكل أسرع.. و نحن في الساقية ندور حول ذاك الفلك اللا نهائي .. هذه الدكتورة الجميلة.. كانت طالبة بحجاب أسود و شارب صغير فوق شفتيها البكر.. سبحان الله!
.
.
.
أحاول أن أقنع نفسي.. أن الحمى هذه من الحمام البارد الذي قمت به البارحة.. ليس من شوقي و ولهي عليك!
نعم.. أشتاق لك فأشتعل بحمى غريبة.. في كل مرة..
حتى اليوم يا قلبي..! هاذي النار تسكنني.. و لا يطفئها سوى دفق صوتك..! ألن يصنعوا من صوتك مضاد للحزن في روحي؟ و ماذا عن ضحكتك لن يصنعوا منها مانعاً للاكتئاب؟ يا كل دائي و رشفة دوائي .. يا قلبي الجميل؟




 

التوقيع



كُلّ ما أيْقَنْتُهُ.. رحَلا..

جليله ماجد غير متصل   رد مع اقتباس