لذة الشعور بجمال النصوص الأدبية
لا يدركها إلا من بذر في ذاته بذرة
قديمة نشأت معه وتنامت حتى أفرعت
وتسامت وتفرعت كدوحة ظليلة ممتدّة
تغدي وتروح فيها مشاعر الإحساس بتلك اللذة
وتستوقفني صورة الجمال الأخاذ في نصوص
الشعر بالذات حينما يتناولها الشاعر الغارق
في روعة الحسن والبهاء وتزهو في الأفاق
وتسلب الألباب فليس للمُتلقي إلا أن يُذهلُ لها
فالشاعر لا يأتي على الصورة بطريقة تقليدية مباشرة
بل يستنفد معها خياله حتى يتمكن من الربط بينها
وبين واقع الإقناع لمن يتلقاها فتكون في أجمل إغراءاها
جذابة فاتنة تترصد الذائقة وتأخذها بعيداً إلى موطن الدهشة .
والشاعر المتنبي وهو كبيرهم الذي علمهم السحر
وهذا في تقديري فربما هناك من يرى خلافاً لذلك
عندما يصف الأسد وبصورة رائعة جميلة مُتجلية
عجيباً فيها كل العجب حينما استطاع الجمع بين
غطرسة الأسد في تهاديه على الأرض
ورقة الطبيب الذي يترفق بالمريض من حالة الأسى .
فيقول :
يطأ الثرى مترفقا من تيهه ... فكأنه آسٍ يجس عليلا
لقد تقدم بيت المتنبي على غيرة لشديد إعجابي به
وإلا فأن فيمن سبقه ما هو أدقّ واكثر تجليّاً وروعة
والصورة عند الشاعر العربي عنترة بن شداد أجدها
اكثر جمالاً وإغراءاً تميل إلى صدق العاطفة ودقة التصوير
وَلَقَد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ نَواهِلٌ - مِنّي وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمي
فَوَدَدتُ تَقبيلَ السُيوفِ لأَنَّها - لَمَعَت كَبارِقِ ثَغرِكِ المُتَبَسِّمِ
لان الصورة هنا تجلت فيها العاطفة والشجاع معاً لتدركها
العقول وتقتنع بها ذائقة المترصد وقطعاً في ذهول تام
وفي شعر المعاصرين لا بد من التوقف مع نزار قباني
ذلك الشاعر الذي أوتيَ من وافر الحظ في هذا الباب
ما أغرانا إلى قراءتهِ إلزاما رغم شناعة ما يكتُبه أحيانا
لكنه يمتلك إحساساً شاعرياً جذاباً يصعُب تجاوزهُ
مما يضطر المتلقي التوقف أو الوقوف على بعض نصوصه
وهذا أقل التقدير عند المتورعين عن بعض ما جنح إليه وشط .
فهو لم يقاتل القبح في شعره كما قال : ( أقاتل القبح في شعري وفي أدبي )
ولكنهُ عندما يقول : ( أخذت عيناك .. كل مساحة الليل )
ابدع وأمتع في الصورة بل أيما أبداع أستوقف المتعجل ليتأنى معهُ اضطرارا .
يقول الشاعر أحمد شوقي :
فِطرتي لا آخُذ القلبَ بها … خُلِقَ الشاعِرُ سَمحاً طَرِبا
وليس بمقدوري التوسُع بأكثر مما أتيت عليه فالمساحة أقل من أن تحتوي
كلما في جُعبتي بهذا الجانب وبالذات لغزارة ما فيه من صور الأبداع
وروعة الإمتاع والمرتع الخصب الذي تتقصاه العيون وتقصُر عن مداه البعيد جداً
ولعلي ببعض ما بلغت منه استطعت إمتاع الذائقة ولو باليسير اليسير ليكون نافذة
تطلّ على مثل هذه الصور الفاتنة من نصوص الشعراء بالذات في شعر الفصيح
وتقبلوا أطيب الأمنيات واجمل التحايا .
والسلام .
بقلم أخوكم / سالم العامري