منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حديث عقلين في رأس واحد
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-16-2021, 11:57 PM   #1
رُوح
( كاتبة )

الصورة الرمزية رُوح

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 37268

رُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي حديث عقلين في رأس واحد


في بلادنا لا يوجد استماع بالمجّان.
حين تغمر المشاعر المختلطة قلبك، وحين يمتلىء صدرك بالثقل و المُلِمات، تعتريك حاجة ماسة للبوح، تبحث عمّن تفضفض له وتشكو إليه. لكنّ ذلك لا يحدث عندنا بالمجّان!
في أحسن السيناريوهات المطروحة، أنّك ستجد من تجلس روحك إلى روحه وترتاح إليها. لكنّ هذا ليس ما يحدث بالفعل!
مسألة ارتياح الروح رفاهية غير متاحة لأمثالنا.

دعنا نقول أنّنا سنقبل بثاني أفضل سيناريو مطروح أمامك.
أن تجد شخصا ما عاديا، قد تتقاطع أفكاركما معا في نقاط متباعدة، وقد تكون أفكاركما في خطين متوازيين متعاكسي الاتجاه، لا يهم، أنت تبحث عن مستمع وليس عن صديق عمر أو زوج!
تبدأ بالحديث عن أشياء لا تعنيك، وقليلا قليلا تبدأ تبوح و تخفف عن نفسك.
فماذا يحدث؟ وما الثمن الذي تدفعه للفضفضة؟
في أفضل الخيارات الممكنة، سيغمر الفضول رأس مستمعك، ويبدأ بمحاولات الدخول إلى حياتك واقتحام رأسك، هنيئا لك، لقد صنعت لنفسك متعقبا.

في خيارٍ عادي وبديهي، مستمعك سيتعالى عليك، لن تهمه ظروفك التي كنت فيها، ولن يأخذ خياراتك المحدودة بعين الاعتبار حين يضع نفسه مكانك ويقرر أن يتصرف بطريقة مختلفة، وعبثا تحاول جعله يفهم أنّ الوجود داخل الأزمة لا يشبه التفرّج عليها من الأعلى.
وهنا، هنيئا لك أيضا، لقد بنيت طواعية برجا عاجيا لمغرور عنجهيّ يزدريك من رأس برجه!

الخيار الأكثر شيوعا، أن يمنحك مستمعك نصيحة أو اثنتين، ويذيّل اعترافاتك بتعليقاته الحكيمة، وخلاصة خبراته في الحياة.
قد تكون حكيما أكثر منه، وحياتك زاخرة بخبرات توازي ثلاث حيوات من حياته، لكنه رغم ذلك سيُصرّ أن يُنير دربك بحكمته.

في الخيارات الأكثر تطرّفا، مستمعك سيصدر عليك الأحكام، ويصنّفك في خانة جديدة، مع أفكاره وأحكامه الجديدة عليك!
قد يسوء الموقف أكثر، ويبدأ في تعميم أحكامه عليك للناس، وقبل أن تدري، تصبح بمثابة دراسة حالة عند الجميع، وفي الأيام المقبلة، ستكون حكاياتك مرجعا للآخرين التائهين مثلك.
هنيئا لك، لقد نقشت اعترافاتك في ذاكرة الناس، و أسست لك إشارة تاريخية لن تمحى.
لقد حققت الخلود.

أنت ترى الآن، لا يوجد من يستمع لك وفقط! لا وجود للغرباء، الغريب بعد البوح يعتبر نفسه قريبا!
لا يوجد مستمع غفور، ولا يوجد مستمع ناسك، كلّنا توّاقون للتنظير على غيرنا، وكلنا نعتنق مبدأ (( لو كنتُ في محلّك، لفعلتُها هكذا ....))
وكلّنا أسرى لخطيئة الثرثرة، حتى لو لم تُفضفض بأسرارك، سنمنحها نحن هيبة السرّ، ثم ننتهكها نشرا بعد ذلك!


أن تبحث عن مستمع لا يُحاكم ولا يتعالى ولا ينصح ولا يخون.
أنت حرفيا تبحث عن العنقاء!
فماذا تفعل؟
تلملم عليك نفسك، وتشُد عليك قلبك، وتؤجل انهياراتك الصغيرة إلى يوم آخر. يومٌ آخر في كلّ مرّة، وسيكون الأمر على ما يرام.

 

التوقيع

لأنني أنا ..
أرفض تماما أن أتلاشى في ظِلّ غيري ..

رُوح غير متصل   رد مع اقتباس