في المرّة القادمة التّي ترى فيها إنسانا سعيدا في حياته، يعيش برضًا، ملامحه ناعمة، ويغمر روحه سلام هادىء، وتشعّ من عينيه طمأنينةٌ محببّة، وتعلو وجهه ابتسامة دافئة.
فأنا أرجوك، أرجوك بكلّ ما تلتمسه الإنسانية من رجاء في هذه الدّنيا؛ أن تلازم مكانك ولا تقترب.
لا تقترب من إنسانٍ بمثل تلك الرّقة، تخلى لمرّة لعينة واحدة عن أنانيّتك وحبّك لنفسك، اكبح طمعك في مصادرة ضوءِ حياته، اجمع كلّ نيّاتك الحسنة، ورغباتك الصّديقة، ومشاعرك اللطيفة، وابتلعها
لا تسمح لأيّ منها بتبرير الاقتراب لك، لا تستمع لأفكارك البغيضة المتنكّرة باللطف، لا، أنتَ لستَ طيّبا، ولستَ لطيفا، ولن تكون أبدا الشّخص الذي تُريد أن تكونه. ليس ذلك في إمكانيّاتك، ليس ذلك مقدّرا لك، تقبّل وحشيّتك، احتضن غرابتك. فهما لن يلبثا طويلا -إنْ أنت اقتربت- من أن يُهشّما صديقك الجديد
خذ وحشيتك وخذلانك وانسحاباتك، وجرجرها مبتعدا عنه، عالمك الكئيب الدّاكن ملكك أنت وحدك، لا ذنب للآخرين أن يسحبهم سوادك، سوادك هذا يبتلع كلّ ضوءهم. فأبْق ماردك الحزين داخل رأسك إذن؛ ولا تُخرجه ليحصد مزيدا من الرّؤوس.
لا تكن أنانيّا، لا تكن بغيضا، لمرّة واحد فقط؛ اختر اللطف حقا، ولا تقترب!.