منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حديث الغمام
الموضوع: حديث الغمام
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-2007, 04:36 PM   #18
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


( 11 )

* الصدى *

أخرج المفتاح ،، ولكنه أعاده ودق الجرس ،، فتحت الباب الخادمة ،،
نظرت إليه حتى عرفته فأضاءت عيناها بانتباهة مذهله

سألها : ماما في الداخل ؟! ،،
فأجابت : نعم ،، تفضل ،،

دخل غرفة الجلوس متمهلا ً وبلا صوت وبقلب يزدرد انفعاله بصلابة معهوده ،،
وقف في وسط الغرفة ينظر إليها بتمعن واستطلاع ،،

كانت مسترخية على الكنبة تقرأ في مجله ،،
ولكنها لم ترفع رأسها إليه وكأنها لم تشعر له بوجود .

فقال لنفسه لا تعجب لبرودها فكم قاست وكم عانت ،،
وهي على أي حال منبع المآسي فكيف لا تخلو من روح العنف ،،
وماذا توقعت حينما عدت ؟!

وابتسم ليليّن من قسوة وجهه ،،
ثم تنحنح مبقيا ً على تماسك أعصابه ،،
إنها أشد مما تصور ،،
إنها أقسى من التاريخ الدامي

لكنني عنيد ،، لم آت هنا لأسلم بهزيمة عاجله ،،
توقعت سخطا ً ولعنا ً وبكاء ومرارة ،،
ولكن ليس الصمت والتجاهل

جلس في مواجهتها وقال بصوت حاول جاهدا ً أن يبدو طبيعيا ً : مساء الخير !! ،،

لم ترد ،،
صدمة أشد من الأولى ،،
الماضي بكل مآسيه لن يخفف من قسوة اللطمة ،،

حق أنك آخر من يعجب لقسوة ما ،،
وعليك أن تؤدي حساب سنتين من المقت ،،
الحق أني لم أتوقع مقابلة لطيفه ولكني لم أتصور هذه القدرة على الإعدام

لم يؤثر فيه صمتها وقال :
اسأليني على الأقل عما جاء بي ،،
الغبار لم يعد يطلق والشوك أدمى الأقدام ،،
وأعترف بأن نفسي نازعتني إلى مأوى منسي لأسترد فيه أنفاسي ،،
شعور طبيعي بالحاجة إلى ظل بعد احتراق لعين ،،
وسمعت صدقا ً أو كذبا ً أشياء وأشياء عن غرابة المرأة ،،
ومع أن آخر صورة احتفظت بها منك كانت عابسة باكية لاعنة ،،
إلا أني غامرت بالتجربه !! ،،

لا كلمه ،، لا حركه ،، لا اهتمام ،،

فتابع : أتتوقعين أن أعتذر ؟! ،،
أن أعترف بخطأ ،، أن أعلن الندم ؟!،،
ولكنك تعرفيني ،، لا أدري ما الذي حدث صباح اليوم ،،
كنت في وسط اجتماع هام ،، وإذا بي أغادره وأتصل بك ،،
قالت لي الخادمة بأنك لست على ما يرام فقلت في نفسي ومتى كانت غير ذلك ؟!،،
ولكني أراك في أحسن حال

الجملة الأخيرة غير قابلة للتجاهل إلى ما لا نهاية ،،
سوف تدب حركه ،،
أجل ستنفجر أولا ً في غضب وتصب اللعنات ،،
ثم تلين رويدا ً ،،
وأخيرا ً ستسمع هذه الجدران عتاب !! ،،

وضحك ضحكة قصيرة ميتة وقال :
نحن الاثنان من أصحاب الأنياب والأظافر ،،
ولكني مشوق إلى معرفة النهاية

رفعت رأسها قليلا ً ثم أدارته يمينا ً وشمالا ً عدة مرات لبعث الراحة في رقبتها ،،
ثم عادت إلى قراءة المجلة !! ،،

قال : ما مضى قد مضى ،، لسنا بأول مفترقين ولا آخرهم ،، ولكن ،،،

وركبته رغبة يائسة في المزاح فتابع :
ما رأيك باستدعاء أحدهم ليطردني فتشهدي مباراة في الملاكمة ،،
وضحك عاليا ً ،،
لكنه ضحك وحده

من يدري فلعل حضوري خطأ من أساسه ،،
ولكني مصمم على ألا أندم عليه

قال : أعلم ماذا يقول صمتك ،،
جاء الخائن ،، جاء معذبي ،، جاء أخيرا ،،
ربما شوقي لك هو سبب قدومي ،، أذكر أحيانا يديك الصغيرتين وفمك الدقيق وشعرك القصير ،،
كنت جميلة كما أراك الآن ،، ولكني دائما لا أذكر تفاصيل عينيك ،،
فلم أكن قادرا على النظر فيها طويلا ً ،، لا أدري

ألم تعاهد نفسك على تجنب الذكريات ؟! ،، ولكن كيف ؟! ،،
إنها مستمرة في قتلك ،، وأنت لم تأت لتجلس أمام تمثال من حجر !!

إذن تودين أن أذهب !! ،،
لا أعجب كثيرا ً ولكني أتيت ،،
وهذا جزء لا يتجزأ من الحكاية ،،
ألم تغضبي بما فيه الكفاية ؟! ،،
ألم ترفضي اقتراحي بالارتباط منذ البداية ؟! ،،
ألم تكوني سببا ً مباشرا ً في معرفتي بالأخرى ؟! ،،
ثم لعنتني حتى جف صوتك

تساءلت لماذا تذهب بعدما كان ،،
ولكن لا أحد يعلم بسري سواك ،،
وأنا أؤمن بالغيب إيماني بالقسوة ،،
والوقت قد فات ولكني رأيت رأيا ً آخر ،،
غير أني أود أن أعلم حتام تتعلقين بالصمت ؟! ،،

لا أحد يمكنه المحافظة على بروده كما تفعل ،،
وجهها لا يفصح عن شئ ،،
أنها لا تتجاهل وجودي ولكنها تجهله !! ،،
تجهله بكل معنى الكلمة ،،
إنها لا تسمعني ولا تراني ،،
من أين لها هذه القوة كلها ؟!

ثم صرخ بأعلى صوته :
أهذه طريقتك في العقاب ،،
لا شك أنك تخيلت هذا اللقاء وتمنيت وقوعه وانتظرته طويلا ،،
فأي شيطان دفعني إلى زيارتك يا امرأه

ها هي أنفاسها تتردد قريبة منك ولكنها أبعد من نجم ،،
كالموت غير أنه ينضح بالعذاب ،،
وها هو الصمت وها هو السد !! ،،
فعليك أن تؤول حلمك بنفسك أو سوف يبقى الحلم بلا تأويل

آه ،، فلتعجب بها بقدر ما تحنق عليها ،، ما أصدقها من مُحبه
ثم واصل حديثه :
لا تطرديني دون كلمه ،،
أخبريني إذن أنت عن سبب قدومي ،،
فقد خطر لي وأنا في الطريق شئ تافه وبطريقة غير عادية ،،
وهو أنني لم أكن متعجبا ً من تفاهة هذا الخاطر !! ،،

يا رب السماوات ،،
ها هي تتثاءب مرة أخرى ،،
من الضجر لا من التعب ،،
ولكن طلاء التجاهل سيتقشر عاجلا ً أم آجلا ً ثم يتساقط ،،
والأحزان قد أنضبت في نفسك موارد سخية ،،
ولكني أجلس أمامك بشخصي وشهادة سنين من الحب ،،
وإن يكن حب مفلس أجدب

وقف قائلا ً بصوته الجهوري :
أصغي إلي ،، أنا لم آت عبثا ً ،، وسأذهب أقسى مما جئت ،،
ولكن الساقية تدور ولا تحمل من باطن الأرض إلا العلقم ،،
كم من نساء عبثن بي وأخريات قبلن قدمي ،،
وكان أن ضجرت ،، ضجرت حتى الموت ،،
ولكننا نكره الكلمات الطيبة ولا نصدقها ،،
وإذن فلتمض القافلة مثيرة للغبار ولرشاش الدم ،،
وقد تمادى بي الضجر حتى وقعت ،،
وبعد سنتين من النسيان ذكرني الضجر بك ،،
ماذا أريد ؟! ،، أن أرجع إليك ؟! ،، ولكن ماذا وراء ذلك ؟! ،،

ونحن نخجل من العواطف ونتباهى بالكلمات ،،
لا شئ سوى الشماتة ،،
ولست أصدق الواقع ولكني لم أجد مفرا ً من تصديق الألم ،،
فربما كان ذلك الضجر هو ألم ،، ألم الضمير

فسمع صوت كالصدى يردد :
ثمة آلام أعنف من ترف الضمير !!

انتفض كمن يفيق من حلم ،، وانتبه لنفسه ،،
نظر فيما حوله بذهول فوجد أن جميع الأشخاص في الاجتماع قد علت أصواتهم بالنقاش غير حافلين به

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس