منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حديث الغمام
الموضوع: حديث الغمام
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-2008, 09:52 PM   #19
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي إلى الأستاذ سليمان الخريجي ،،


( 12 )

* شمسي *

" اللهم بارك لهما ،، وبارك عليهما ،، واجمع بينهما في خير " ،،
مشيت في خطى بطيئة متأملا ً فيما أمامي بعينين لا تريان شيئا ً ،، وعلت شفتي ابتسامة مريرة ،، وقد بدا لي كل شئ غريبا ً كئيبا ً يذيب النفس حسرات ،،
يخفق قلبي بعنف لسماع عبارات التهنئة وترديدي لكلمات الشكر والترحيب ،، كمن يسمع شيئا ً عظيما رهيبا يثير في الوجدان مكامن الشجن ويستدعي ذكريات قائمة موجعة الصدى ،،


لم تخلق هذه الليلة للحزن بل ليمتلئ الجو برنين الضحكات ووميض الأمنيات وإيماءات السعادة ،، وأنا سعيد أكاد أختنق بالفرح ،، وقد تم الهدم وبقيت الأنقاض رغم كل شئ ،، تجلى القلب مساحة في الفضاء خالية من أي معنى وبلا رموز ،، ورحت أقلب ناظري في الناس والأشياء كأني أبحث عن شئ أو لا أدري شيئا ،، أيا صغيرتي ،، لقد بدا لي العالم أكثر جمالا ً لأنك فيه ،، وبدت الحياة أكثر واقعية لأنك شمسها ،، وسينقضي الباقي من العمر بلا شروق لأنك ستنيرين أرضا أخرى

* * *

وجدت في تلك اللحظة رغبة خفية قاهرة في الفرار إلى الأمس ،، إلى تلك الفترة التي تبدو فيها الحياة كقطعة من العجين في يد الخيال يعبث بها كما يشاء ويصنع منها ما يملي عليه هواه بعيدا ً عن قساوة الواقع ،، ولكن هل ثمة طعم للدنيا في حواسي الآن ،،
ماتت رفيقة الدرب فاصطدم العمر بأحداث مروعة ،، وتركت بين يدي زهرة يانعة لم تتجاوز الخامسة ،، فهل ينتهي كل شئ الليلة كما ينتهي الحلم الجميل ،، ينتهي في لحظة قصيرة كأنه لم يدم أيام وسنين ،،


ها هي صغيرتي ووجهها الذي كست الشمس حمرته كأنها غمسته في الشفق ،، كنور الفجر الحالم وقد اكتسى بحلة فضية من ضوء الصباح المنير ،،

بدأ مخي وأنا أستمع لصوت ذكرياتنا يسخن ،، وترتفع حرارته حتى بدأ يفرز عرقا ً داخلياً غزيرا ً على هيئة رذاذ من الأفكار المتلاحقة ،، وصلني القلق على ليال مرضها أو امتحاناتها ،، وركضت بي جوارح الحنان من براءة طفولتها إلى شبابها المرح ،، فرحت أهيم محمولا ً على أكتاف أحلام اليقظة ،، ليت شعري كيف يكون وجودي بعد ذلك إذا خلا من ضحكاتها وأحاديثها وعذوبتها ،، ولكن وا أسفاه ،، إن انقضاء الليل ينسي قطر الندى ،، وللحياة جلبة تبتلع همسات الضمير والوحدة ،،

* * *

وها هو ابن أختي يتبختر كأنما امتلك الأرض ومن عليها ،، فليحفظكما المولى ،، ولكن تجتاحني رغبة لا تقاوم بلكمه !!،،
جاء لزيارتنا قبل أسبوعين ،، أخذا يترامقان بنظرات أعلم ما وراءها ،،
ابتسمت وأنا أضع فنجان الشاي وقلت : ماذا وراءكما ؟! ،،
قالت بسرعة ولوهجه : أبي لدينا رجاء بأن توافق على أن تعيش معنا ،،
فقال : أجل يا خالي ،، فلا أريد أن أكون سببا في فراقكما ،،
استجمعت قواي لأقبض دمع قلبي ،، ما أكرمك يا عزيزي ،،
ولكني قلت بمرح : قراري في ذلك لا رجعة فيه ،، لديكما حياة لتعيشا أيامها في بيتكما الخاص بعيدا عن ظل ثقيل لعجوز مثلي ،،
فقالت : أبي !! ،،
قاطعها قائلا : يجب أن نحترم رغبته ،، وقد وعدنا بالزيارة دائما ،،
فقلت بصوت خافت ومدمع محبوس : أتمنى لكما حياة سعيدة ،،

يا إلهي كيف نمت تلك الليلة ،،
كنت لا أنام إلا حين أراها نائمه – أو متظاهرة بالنوم – فأصبحت هي تقوم بذلك معي ،، يا عزيزتي لمَ كبرنا ؟! ،،

* * *

وتبعتها عيناي حتى غيبها باب السيارة المبهرجة ،، ثم عادتا تنظران إلى الأشياء المحيطة نظرة ذاهلة لا تعي التفاصيل ،، فأحسست إحساسا ً غامضا ً بالسمرة التي أخذت تشوب الكون والسكون الساري في مفاصلي ،،
وصافحني العريس بسعادة وقبّل رأسي ،، شددت قبضتي ونظرت إليه طويلا ولم أدعه يسترجع يده بسرعة

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس