منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - سوا ربينا *
الموضوع: سوا ربينا *
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-13-2008, 06:25 PM   #1
د. منال عبدالرحمن
( كاتبة )

افتراضي سوا ربينا *


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة



معقولة الفراق يمحي أسامينا .. و نحنا نحنا سوا ربينا .. *

الفراق لم يمحي أسامينا فحسب , أسباب الفراق تجمّعت و شكّلت بيننا حاجزاً هائلاً أصبحَ من الصّعب تجاوزه ..

أغانينا الّتي غنّنيناها صغاراً سوياً .. الدّم الّذي جمعنا , النّسب .. و أشياء أخرى كثيرة , تشاركنا فيها , و جمعتنا .. كلّها تمحورَت الآن حولَ شيءٍ واحد , هو الكُره و الحقد و الرّغبة بالانتقام .

مُذ بدأت أيادي الغُرباء تشاركنا في صنعِ خبزنا اليومي , أصبحنا لا نعرفُ بأي طحينٍ نعمل .

تاريخ العلاقات اللبنانية السورية لا يخفى على عاقل , فمنذ القدم و سوريا و لبنان تشكّلان وحدةً لا تتجزّأ , العوامل الجغرافية و البشريّة , و المعطيات السّياسيّة و الاقتصادية , الموقع الاستراتيجي لكلٍّ من البلدين بالنسبة للآخر , المصالح المشتركة و الخطر الدّاهم المحيق بكليهما على حدٍّ سواء .. كلّ هذا و أكثر كان و لا زال أساساً لتلك العلاقة الحميمية الخاصّة جدّا بين الشّعبين الشّقيقين .

ما حصل في حرب لبنان عام 1982 , و تدخّل سوريّة آنذاك , ثم دخول الجيش السّوري بعد اتفاقيّة الطّائف و انتشاره في لبنان , و استقرار الوضع السياسي و الاقتصادي و الامني في لبنان و تعايش الاحزاب الكثيرة , كان دليلا واضحا على الأثر الكبير الذي تملكه سوريا بالنسبة للبنان , و على الدّور الحيوي الذي تقوم به ..
ثم خروج اسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 , و تطوّر الديمقراطية في لبنان وظهور الأطماع السياسية و المادية للكثير من الجهات .. ثم خروج سورية من لبنان , الهجوم الاسرائيلي على لبنان و الآن حرب العصابات .. ما هو إلا دليلٌ آخر على أن هذا البلد , يعاني من أزمةٍ حقيقيّة تتجلّى بعدم توافق أطراف الصّراع و محاوره , الّذين يُفترض أنّهم كانوا يوماً ما متفقّين على دورِ كلٍّ منهم السّياسي على حدة .

و السّؤال , ما الّذي جدّ بعد وفاة الحريري و خروج اسرائيل من جنوب لبنان , و من ثمّ خروج الجيش السوريّ , لتتعارض القوى اللبنانية بهذا الشّكل ؟

وما السّبب وراء الشّقاق السّياسيّ في الحكومة و عدم مقدرة الأحزاب المتعارضة على اختيار رئيس علماً بانّ لكلٍّ منهم دوره في السّلطة بغضّ النّظر عن كون رئيس الدّولة ينتمي لأحد الاحزاب عن غيره ؟

ثمّ نأتي للممارسات الشّعبيّة , و الّتي تكشفُ عن سوءِ نوايا السّياسيين اللذين لا همّ لهم إلا السُّلطةَ و الكراسي , و الذين لا يتوانون عن أن يوغروا صدورَ النّاس البسيطة , لتظهر على سبيل المثال عن طريق الضّرب و الاهانات المتكررة , لعمّال بسطاء يعملون هنا أو هناك و يجرون خلف لقمةِ العيش , و ربّما لا ناقةَ لهم بالسياسة و لا جمل .

نحنُ شعبٌ مفطورٌ على السّياسة , أمرٌ قد أُسلّم بهِ , فقد وُلدنا جميعاً و آباؤنا و أجدادانا , على الطّمع الخارجي باراضينا , و بثرواتنا , و التهديد الدائم لديننا , و لوجودنا , و كياننا .. و لكن ما لا اسلّم به و أرفضهُ ان يقوم السّياسيون بتلكَ اللّعبة القذرة , و يفرضون آرائهم المبيّتة لسوء النيّة و للاهداف البعيدة كلّ البعد عن مصلحة الوطن , أن يقوموا بدسّ السّم في العسل , و يتحدّثوا بطريقة تراجيدية , ليكسبوا تعاطفَ الانسان البسيط و يُشعلوا في صدره الحقد و الكره , الّذي يترجم ببساطة تشبه صاحبه عن طريق ممارسات عدوانيّة , و لا مسؤولة .


و يبقى تساؤلٌ أخير :

ترى هل سيستطيعون فكّ روابط الدّم , و قطعَ أشجار النّسب و سحبَ عروقِ القرابة بين الشّعبين , ببعضِ كذب ؟


..

و بحبّك يا لبنان .. *

 

التوقيع

و للحريّةِ الحمراءِ بابٌ
بكلِّ يدٍ مضرّجةٍ يُدَقُّ

د. منال عبدالرحمن غير متصل   رد مع اقتباس