.
لا أتخيل أبداً أن أستفتح مشوار ( خارج السرب ) بشيء غير القراءة أو الكتابة ،
لذا وجب عليّ أن أُقدم أحدهما على أي . . أي موضوع آخر لم يمنحني الذي منحنياه
القراءة والكتابة ، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان .
استوصوا بالقراءة حُباً وقُرباً وحضناً ، إنها كوكب آخر غير كوكبنا هذا الذي نسكنه .
لقد أعطتني القراءة مالا أُعطيه لنفسي ، لما أحست بـ صدقي معها أصبحت لي المفتاح
الذي يفتح لي أبواب إلى المعرفة والقلوب والأزهار والمطر والعصافير والفراشات والتوت والكرز .
في أثناء دراستي بالمرحة الابتدائية كنت أتجه فور سماعي لصوت جرس الفسحة إلى المكتبة ،
ولا أتجه كما يتجه أقراني باتجاه المقصف المدرسي ليأكلوا ويشربوا ، بل كان كل همي أن أعبر
إلى داخل المكتبة ، لكن صغر سني ونحافة جسدي ولأني مازلت في الفصل الأول الابتدائي يمنعونني
من الدخول للمكتبة ، فكنت أقف طوال فترة الفسحة أمام المكتبة أرمق التلاميذ الذي يكبروني سناً بعينين
حزينتين ولم يكن أحد يشعر بالذي يؤلمني حينها .
أستمر هذا المشهد لعدة أيام ، حتى قررت أن أفاتح أبي في هذا الأمر الذي يؤلمني ، فأخذت أحكي له
الحكاية بمرارة الطفل الصغير ، فما كان منه إلا أن ابتسم ووعدني خيراً ، فحضر أبي لمدرستي في
اليوم التالي وطلب أن يقابل الأخصائي الاجتماعي عصام ، فجلس معه وحكا له كل ما أجد ، فما كان
من الأستاذ عصام إلا أن جاءني للفصل الدراسي وأخذني من يدي نحو المكتبة وعلى الفور طلب من أمينها
أن يستثنيني ويقيد اسمي ضمن أصدقاء المكتبة رغم صغر سني ، فكنت أقضي وقتي في المكتبة المدرسية
بين القراءة وبين تنظيم طاولات المكتبة ورفوفها . و" يا أرض تهدي ما عليكِ أدي " :p
.