(4)
عادت إلى طاولتها التي اختارتها من أجله بـ خطوات مُتثاقلة
نظرت إلى ساعتها بـ قلق /حزن
لقد تأخر كثـيرا
أمسكت بـ جهازها النّقال لـ تتصل به
وكلّها يقين أنها ستجد جوابا كـ لم أستيقظ مبكرا أو لم أجد وردة تليق بـ حبيبتي هذا اليوم أو شيئا من هذا
لكنّ ظنونها خابت حين انقطع الاتصـال ولامُجيب
أعادت الاتصال مرة أخرى .. ولامُجيب أيضا
ماعادت قادرة على الاحتمال أكثر ..
أخذ منها القلق كلّ قواها
حاولت عابثة تضييع الدقائق بـ تصفّح آخر رسائله
كانت آخر رسالة منه ليلة البارحة قبل أن تخلد إلى النوم
قــرأتها .. ربمـا للمرة الألف
فكم تحب هذه العادة – قراءة رسائله دومـا –
( حبيبتي ..
هنيــئا لـ النوم إذ يداعب أجفانك .. وهنيـئا لـ الأحلام إذ تحتضن خيالك
ليلة سعـيدة )
\
ورسالته التي تسبقـها .. حين كانت متوعّكة قليلا
( حلوتي ..
ليت الأمـر بيدي .. فـ أتقاسم معكِ الألم
وأُشـارككِ الوجع )
\
وغيرها الكثير..
كانت كلماته دافئة .. كان رقيقا جدا معها
أحسّت بـ أنه الوحيد القادر على احتضان جنونها .. واحتـواء شقاوة أحلامها
أيقنت وتأكدت أن لاطعم لـ الحياة بلا نكهة الحب تلك التي يُضيفها وجوده على حياتها
وفيما كانت سـارحة الفكر .. مشغولة البال.. ممتلــئة القلب بـ هذيان به
انتبهت فجـأة إلى ماعلى الطاولة أمامها
وردة لم تنتبه لـ وجودها إلا للتوّ فقط
وردة مخملية كـ القلب لونها .. نديّة كـ عينيها حين تمرّ ذكراه فجأة
رائحتها أكثر مالفت انتباهها لـ وجودها أمامها
أمسكتها بــ لطف
ابتسمت لأنها عرفت أنها من اختيـاره .. فهو الوحيد الذي يعرف ذوقها في الورد خصوصا
ويعتني بـ انتقـاء كلّ وردة بـ حب واضح
تنفّست الوردة واستنشقت رائحتها بـ ارتياح تام
" لقـد وصل " هذا ماقالته لـ نفسها وهي تزفر هواء ممتلـئ بـ القلق
تلفّتت يمنة ويسـرة .. باحثة عن طيف طالما داعب خيالها
لم تجد سوى أشبـاح بشر آخرون
هكـذا كانت تقول له دوما : إن البشـر في غيـابك كـ الأشباح في عيني
وقفت متململة لـ تحاول إيجاده
سقطت ورقة صغـيرة بحجم الكون في غيابه
فتحتهـا
لــ تُظلم الدنيا فجأة أمامها .. ويتوقف الزمن .. ويعمّ السكون ماحولها
فماعادت تسمع إلا خفقات قلبـها الصغير .. وماعادت ترى إلا كلمة واحدة رمادية التأثير
" وداعــــا "
كيف .. ولم .. ومتى ... !
فقدت القـدرة على كلّ شيء .. حتى على التنفس
رئتيها تحاول إيجاد هواء لـ تتنفسه .. جسمها بحاجة لـ طاقة أكبر لـ مواجهة الموقف
قلبها يـنبض بشدة محاولا إعطائها قليلا من قّوة تمكّنها من الصمود
ترنّحت على الكرسي محاولة الجلوس بـ كلّ أسى
كوب قهوتها أصبح بـاردا كـ صقيع ماتشعر به الآن
قصاصة الجريدة المُمزّقة الأطراف .. و تلك الوردة
أحسّت أن الجو بارد جدا .. وأنها كــ طفلة صغيـرة غير قادرة على المقاومة
نظرت إلى السمــاء من خلال تلك الشرفة
ولأول مرة تشعر أن المطـر هو بكــاء السماء
شعرت أن السمـاء تُشـاركها ألم فقدها له
بكت كما لم تبكي من قبل ..
بكت فقـده .. بكت رحيلـه الذي قتل كلّ أحلامها
بكت وبكت .. حتى اختلطت دموعها بـ قطرات المطر – دموع السماء- .
\
\
\
انتهـــت