تزوجت ومضت في حالها .. لكنه كان يتصل بها بين حين وآخر ليطمئن عليها ويسمع صوتها .. وفي تلك الليلة نهته أن يعود للاتصال بها .. فكتب
================================================== =====================
وجهك يذوب في الأرض .. عيناك خجلي من نقاء الأرصفة .. والكون كله يمارس عليك شهوة التوبيخ ، تود لو تخنق الهواء حتى لا يشي بخزيك وحماقتك ، تهّرب نفسك إلى جريدة تقرؤها .. صديق تثرثر معه .. وفجأة .. تقبض عليك ذاكرة عفنة لا تدري كيف تنسى .. تعساء نحن بنو البشر .. لو سلِمنا من لحظات ضعفنا لعشنا سعداء.
أجهدك الشوق .. يغرزك في سيارتك كمندوب للطرقات .. يجعلك في قربان تخدش جدار القمر وأنت تبحث عن ملامحها .. وتتصدق عليك قباء ببعض حديثها .. وتسمع صدى ضحكتها وأنت تتأمل أشجار سلطانة ،إن الشوق من حصد جهنم .. يوسوس إليك أن شجرة صوتها ستمنحك سعادة أبدية .. فإذا تذوقتها وجدت نفسك مطروداً من جنة الهداية .
لم تهبك الأقدار مثلها .. رقيقة هي كأنفاس طفلة رائعة أجهدت جسمها فنامت وبين أحضانها عروسة .. تشعر وأنت معها كأنك ابنها الأوحد .. أينما توجه أضجرته بالتحذير وأتحفته بالدعاء .. حديثها زهرة تعتذر إليك أن عطرها ليس كما تحب وإن كان هو ما تحب .. تأمرك في حضرتها أن تنسى كل مواعيدك لتطلبها التعويض .. طُهرها من أكف ضارعة إلى السماء .. أخلاقها تسير من ورائها وعلى يديها سجادة .
تعبت .. وأنت تتحايل على نسيانها .. انتقمت من كل ذكرياتها فألقمتها بياض الورق .. تتخيلها امرأة عادية .. بل حمقاء .. لا تستحق كل هذا العشق .. فعادت بك وأنت تعشق حماقتك فيها .. كنت تناديها في خاطرك بكلمة ( حبيبة ) حتى لا تتورط بيائها .. فتنتبه وأنت مبتل بيائها .. أفٍ لها .. هي قبيلة نساء .. ولا قدرة لك على قتالها . . بعثرتها في قراءتك .. مشاغلك .. همومك الصغيرة .. لتولد فيك بعد كل مرة بنفس القوة .. بنفس الحياة .. بنفس الحب .
أين تمضي الآن ؟ ابق هنا في حجرتك .. بابها المصقول أفواه توشك أن تشرع بالسباب .. الستارة أنثى تضع يدها على خاصرتها وتمد عليك لسان سحّابها .. يغيظك الجدار .. فلم يزل يحتفظ بقامته .. وحدها تلك النملة من تتفهم معك مشاعر السقوط .
================
قربان ، قباء ، سلطانة : شوارع رئيسة في المدينة المنورة .