توقفت باتريشيا عن الاسترسال وهي تتأمل وجهي كيت وتوماس اللذان يحدقان فيها بتمعن وقد شردت ابصارهما مع الاحداث ..
وما ان توقفت العجوز حتى قالت كيت بلهفه :
لماذا توقفت يا باتريشيا .. أكملي .. من هو آركن .. وما علاقته في الموضوع ؟؟؟؟
ثم واصلت وهي تفرك كفيها :
هيا .. لا تقتليني شوقاً
عند ذلك ساندها توماس :
نعم .. واصلي يا باتريشيا .. نريد معرفة ما حدث ..
هنا تنهدت باتريشيا وواصلت سرد الأحداث ..
** ** **
في عام 1522 كانت تريلينا في قمة مجدها تحت حكم الامير غرسيوم الذي حكمت سلالته المحاربه الاراضي الرومانية قرابة مائتي عام ..
وكان للأمير الشيخ إبن شاب يدعى ( آركن ) هو اصغر اولاده واحد افضل الفرسان في رومانيا كلها ..
وقد كان الفارس الشاب متيما بفتاة تدعى هنايا بارعة الجمال .. واشتهرت قصة حبهما في ارجاء المدينة الصغيرة وصارت حديث الجميع من كل الفئات . ولكن تجري الرياح بما لا يشتهي السَفِن
فلقد تعلق بهوى الفتاة الشابة أسقف من ابناء الكنيسة الكاثيلوكية ..
وبدأت المنافسة الغرامية بين الاسقف والامير .. هذا يستخدم سلطة والده .. وذلك يستخدم سلطة الرب التي أعطيت له على حد قوله .. والهدف هنايا ...
وتعبت الفتاة من مضايقات الاسقف وكل من ينتمي للكنيسه التي صار اسقفها يعطي صكوك الغفران لمن يساعده في التقرب من المحبوبه ..
وزاد الوضع على الامير الفارس ..
ولم يقر عينا حتى فعل المحتم عليه ان يفعله ..
عندما تطورت الاحداث وانتقل الى الكنسية معها ومع والده وحرسه ليقعد زواجه بها ..
وهنا ..
جن الاسقف ..
بل فقد صوابه ..
وترك لواء الرب .. ليرفع راية الحرب ..
وعزله الامير غرسيوم من منصبه بعد انكشاف مؤامراته ضد القصر .. ولم يتوقف الاسقف نهرون عن شره وغيه ..
ووصل الامير الى ان اختطف الاميرة هنايا ..
وهنا استعد الفارس الشاب كورون للحرب معه وجمع ثلة من فرسانه ليداهم مناطق الاسقف خلف النهر الاحمر بعد غابة الموت ..
ولكنه وصل بعد فوات الاوان .. فلقد اغتصب الاسقف هنايا .. ثم قتلها وصلبها بعد ان رفضت الانصياع له ..
وجن الفارس وعاد بجثة زوجته الى قصر والده لتقام مرام الدفن وليجهز جيشا اكبر من سابقه ويطارد الاسقف .. عبر طول رومانيا وعرضها .. وبعد عام كامل .. ظفر به ..
وبعد معركة عنيفه مع اتباعه تمكن منه .. وبعد ان افرط في تعذيبه .. اقام عليه طقوس الفرسان وعلقه على حربته التي تحمل راية القصر وشرب من دمه في نهم ..
وعاد الامير الى قصر والده حزينا .. فهو لم ينسى زوجته هنايا وما حدث لها ..
ومرض الشاب .. واعتلت صحته حتى شحبت ملامحه وحار في الاطباء .. ثم فارق الحياة ..
حزن الامير غرسيوم على صغير أولاده .. واقام له جنازة مهيبه ..
وخلال رقود جسد الامير الشاب داخل مذبح الكنسيه اختفى جثمانه ..
قال البعض ان من بقي من اتباع الاسقف اخذوه ليمثلوا به ..
وورد قول آخر وهو انه لم يمت وانه افاق وغادر مكانه ..
ولم تترجح أي من تلك الاقوال حتى انقضت ستة اشهر عندما وجد الامير غرسيوم جثمان ولده يطفو فوق النهر الاحمر ..
ليعود به الى القصر وتقام مراسم دفنه مرة اخرى .. ويسجى في قبره ..
ولم ينتهي الامر عند هذا الحد ..
فبعد يومين من دفن الامير الشاب آركن ..
أكد جمع كبير من اهل المدينه انهم شاهدوه يسير ليلا وهو يتشح بالسواد ..
طبعا القصر لم يصدق ذلك ..
حتى سقطت أول الضحايا ..
فتاة شابه .. وجدها اهل المدينة شاحبة الوجه .. فاقدة النطق ..
عند الجسر الذي يربط المدينة بالغابة ..
ولكن ما اصاب الكل بالذهول والخوف هو ان الفتاة كانت خالية من الدماء ..
ففي عنقها اثر نابين عميقين بدا انهما الطريقه التي نزعت بهما الدماء منها ..
وخرج اهل المدينه مع سقوط الضحية الرابعه في حملة ضد هذا الشر الغريب الذي لا مثيل له
وتكشفت الامور رويدا رويدا ..
لقد تحول الامير كورون الى شبح شاحب .. له قوة خرافية .. ليصبح ( الرجل الذي يعيش على الدماء ) كما اسماه اهل المدينة ..
وانتهى عهد الامير غرسيون واولاده الذي لم ينواتى ابدا في حماية مدينته من شر كورون ابنه الذي تحول الى مشخ يعيش على الدماء البشرية ..
وبقي آركن ..
وطوال مائتي عام .. من الفزع والرعب بقي كورون واتباعه يتجددون ويقتلون على ايدي اهل المدينه ..
ثم بعد رحيل عهد الفرسان ..
سكن آركن قلعة والده .. التي يسمونها منذ اقامته فيها .. ( القلعة السوداء ) ..