( معاناة الشاعرة )
الحديث عن الشاعرة الشعبية في هذه السطور يجب ان نستقبله بإحساس كبير، وعلينا ألا نكتفي فقط بإدراك معاني المفردات والسطور في حقها، ونهمل أبعاد أنوثتها ومشاعرها وضعفها الفطري وانكساراتها الوجدانية.
الحديث عن الشاعرة الشعبية لا يؤخذ على انه مجرد كلام في قضية انسانية ادبية والسلام، لا، ان الامر ابعد من ذاك.
رغم التمدن الكبير واتساع دائرة التحضر التي ننعم بها في هذا الوقت لاتزال اعين كثيرة في مجتمعاتنا تنظر إلى الشاعرة الشعبية بنظرة قاصرة خالية من الوعي والعدل، اصحاب تلك النظرة يرون ان الانثى حينما تنشر ما ترجمته من مشاعرها الوجدانية عبر اي وسيلة اعلامية فقد ضربت بذلك العادات والتقاليد والاعراف في عرض الحائط مع سبق الاصرار والترصد! لذا هم يريدونها تكتم مشاعرها الرقيقة التي خالجتها بين حناياها بكل ألم من دون ان تخرج اي زفرة ساخنة من اقصى وجدانها، ومن دون ان تبوح وتشتكي وتتنفس للحياة عما يجول في ذاتها وعالمها الخاص بها، انهم يريدونها للاسف جمادا او على الأقل انثى بلا وجدان واحاسيس. أغلبية الشعارات الشعبيات اليوم تتخفى خلف اسام مستعارة، كي يجنبن انفسهم الكثير من المشكلات الاجتماعية التي قد تواجهها من الزوج او الأب او الاخ والام، لذا ترى بعضهن يتعاطى الشعر، وكأنه شيء ممنوح يستجلب العار تعاطيه! وهنا امر يصعب تجرعه كثيرا، فأي شعور ذلك الذي يلجم ويكبل في داخلهن، وهو بالاصل لم يولد جامحا عاصفا يريد ان يحلق في الأفق الرحيب.
تعاني الشاعرة الشعبية كذلك مضايقة بعض العاملين في الصحافة الشعبية، الذين يستغلون مراكزهم الاعلامية لابتزازها والضغط عليها بسخف، وقلة وعي من اجل تحقيق ما يسعون اليه من امور تافهة، ولا اعلم لماذا ينظر هؤلاء للشاعرة الشعبية على انها مجرد لقمة لذيذة يسهل مضغها وأكلها؟! والى متى تستمر الاحداث الطويلة لمسلسل الخذلان التي يؤديها بعض العاملين في المطبوعات والصفحات التي تهتم بالشعر الشعبي؟ فكم واحد منهم خذل العديد منهن بسبب معاملته غير الطيبة لهن.
ومن المحزن ما تتلقاه الشاعرة الشعبية من اشاعات وتصريحات وكلام فارغ يدور حولها لا يزن في سوق العقلاء رأس بعوضة. الكاتبة حنان محمد في لقاء معها عبر احدى المطبوعات الشعبية الكويتية قالت بالحرف الواحد: «فالإباحية ولغة الجسد اصبحت هي عنوان الشاعرات وقد قلت في السابق ان اغلبية الشاعرات فتيات ليل»، اي كلام سخيف هذا؟ واي ظلم هذا؟ واي طعن هذا؟ وهل تمتلك الزميلة حنان محمد احصائية موثقة من اي جهة امنية حتى تصرح بان «أغلبية» الشاعرات فتيات ليل؟! وذكرت كذلك حنان محمد في اللقاء ذاته اسامي ثلاث من الشاعرات وصفتهن بالمسترجلات! ولو سلمنا جدلا بان وصفها هذا صحيح - رغم عدم صحته مطلقا - اي فائدة سنجنيها من هذا الكلام المؤلم الجارح في حق اخواتها وبنات جنسها؟
لا تقف معاناة الشاعرة الشعبية عند هذا الحد، بل قد تمتد الى ما هو ابعد واعمق من ذلك، حيث ان هناك ثمة مشكلات مختلفة تكمن بين الشاعرات انفسهن، وهذا من قبيل الغيرة او الحسد، او تدخل بعض شياطين الانس من المعدين بينهن عبر تقديم أسئلة تافهة لاحداهن لضرب الاخرى، او بسبب تلك الفبركات السخيفة التي يصنعها بعض الصحافيين في المجلات الشعبية.
الشاعرة الشعبية المبدعة لا تستحق منا الا ان نقف بصفها، ونأخذ بيدها مادامت تقدم احاسيسها الجميلة لنا بكل وعي وعمق، فهي بمنزلة زهرة النسرين التي يؤثر في اوراقها الرقيقة اي حدث بسيط داهما من أجل ذاك العطر الفواح الذي ادهش لحظته.
نشر في موقع روح:
http://roo7.net/index.php?news=84
نشر في جريدة الوسط - بستان البيان:
http://www.alwasat.com.kw/Default.as...768&pageId=110
.
.