سأتحدث عن بعض المصلوبة أسماؤهم أعلاه بعشوائية إذ أنها لقاءات قد تُضجر إن حاولنا قراءتها بطريقة منظمة..
بعض الورد من : كارلوس فانتوس..
- هل تضع حاجزاً بين القناع والكذب ؟
لا أستطيع أن أتمثل الأدب دون كذب ، وأذكر أن دوستويفسكي علق على رواية ( دون كيشوت ) بأن مؤلفها أنقذ الحقيقة بواسطة الكذب ، والحق لولا هذا العنصر الأساسي في رواية ( دن كيشوت ) لما استطاع سرفانتس أن يقول لنا الحقيقة .
إن الكذب غير المقبول في الحياة العامة ، أو الحياة السياسية يمكن قبوله في الأدب كعنصر خلق ، وهو هنا يتخذ اسماً آخر : الخيال.
- نعلم بحسب أحدث الاكتشافات أن الدماغ يتكون بطيئاً في السنوات الأولى من الحياة ، وأن الذاكرة تبدأ بالتركيز بعد السنة الثالثة لأن الدماغ قبل ذلك يكون في حالة تبدل مستمر وعلى هذا ، هل نستطيع أن نقول إن اختيارك لهذه المراحل في تكوين الدماغ ، كما في الرواية وسواها متعمد باعتبارك مفتوناً بالتعبير عن النسيان والذاكرة والذكرى ؟
هذه ملاحظة صحيحة ، وأنا أسمي ذلك ( الثقب الأسود ) وكنت دائماً مهتماً بالعلاقة بين الذاكرة والخيال محاولاً تصحيح الخطأ الشائع الذي ينسب الذاكرة إلى الماضي ، والخيال إلى المستقبل ، فنحن يجب أن ننتبه أنه يوجد ذاكرة للمستقبل ، كما يوجد خيال للماضي.
مع ماض ميت لا نستطيع إلا أن نفبرك مستقبلاً ميتاً ، وهذا واضح في أعمال بيكيت وجويس ، ورواياتي مغمورة بهذه الفلسفة...أنا مثل جويس أعتقد بأننا يعود إلينا ، نحن الذين في التاريخ أن نكتشف استمراراً حداثة الماضي ، وهذه مهمة ضرورية وأساسية.
إن الماضي يطالبنا بحساب فإذا لم يكن هو لنا سوى ثقل ميت فهذا يعني أن لا علاقة له بمستقبلنا.
عندما قرأت (دون كيشوت ) أول مرة ، كانت القراءة الأولى ؛ أي أنه بدأ وجوده معي من جديد لأول مرة.
إن الكتاب الميت لا وجود له ، إن الكتاب أي كتاب دعوة مفتوحة لإعادة قراءته ، ولاكتشاف ما صار جديداً فيه انطلاقاً مما اكتسبناه نحن من معرفة.
إننا هكذا نعيد اكتشاف الماضي ، فنرى أن للأدب دوره الواضح.
إنه يضعنا على مفترق تتقاطع فيه ذاكرة المستقبل ، وخيال الماضي ، وعكسهما.
إن المغزى الأساسي للرواية تعبر عنه أبلغ تعبير رواية شهر زاد : إنه قصة الماضي مروية في الحاضر لإنقاذ المستقبل ، بل إن الكثير من الأمور لا يمكن توضيحها إلا عبر الرواية ، فالرواية هي المكان الممتاز لالتقاء اللغة والزمن والحضارات والناس والشخصيات...
* * *