منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - محمود درويش شيوعي إسرائيلي وعلماني فلسطيني!
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-17-2008, 05:24 AM   #82
محمد السالم
( شاعر )

الصورة الرمزية محمد السالم

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 961

محمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعةمحمد السالم لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تابعت النقاش المثير حول محمود درويش ، فأردت أن أشارك بهذه الورقة ، أرجو إضافتها في موضوع حسين بن سودة ،
إليك المشاركة
.................................................. ..........................


محمود درويش

حين تحاول الحديث عن شاعرٍ بحجم محمود درويش في أبهته الإعلاميّة ، ومكانته الشعريّة ، فأنت بحاجة إلى أن تتريّث قليلا : تقدّم رجلا وتؤخّر أخرى ؛ ذلك أن الولوج مع هذه البوابة الضخمة قد يعرّضك لأن تكون وحدك أمام هذا الطوفان الاحتفالي ، ولاسيما أنّك أمام سيل جارف من الدموع ، الصادقة والكاذبة على حدٍّ سواء ، لذلك عليك أن تتوخّى الحذر ، اللهم إلا إذا كنت ستدلف مع الباب الذي دلف معه كلّ الناس ، باب النبل العربي والاحتفاء بالموت ، أيًًّا كان هذا الميِّت !
أما وأنت تحاول أن تقدّم رؤيتك التي تؤمن بها ، وهي رؤية كما تعلم قد تمسّ شخص الفقيد ، في نظر هؤلاء الذين لا يفرّقون بين الشاعر والإنسان . فأنت بين أمرين : إمّا أن تشارك في احتفالية النسخ واللصق ، وتسكت على مضض ، أو أن تجرّد قلمك لقول الحق الذي تراه ، أو تعتقده على الأقلّ .
من هنا ، عليك أن تنوّه أنّك لست ممّن يهمّه الجانب الشخصي في الشاعر ، كما أنّك لست معنيًّا بمآله الأخرويّ ، فهذه من أمور الغيب ، وليس لأحدٍ أن يتألّى على الله في ملكوته .
لكن قطعًا ، هذا لا يعفي الراحل من المحاسبة الفكريَّة على ما ترك من نتاجٍ شعريّ ، على اعتبار أنّ نتاجه الشعري ملكٌ للأجيال من بعده ، خصوصًا إذا علمنا أنّه رمز من رموز القضيّة الفلسطينيّة التي تهمّ كلّ الناس – كلّ الناس – على مختلف ثقافاتهم وأديانهم ، حتى لا نكاد نعلم أحدًا لم يشارك فيها بدفقة حبر ، أو همسة شعر ، أو ومضة فكر .
ومحمود درويش شاعرٌ لا يُشقُّ غباره ، ولا يستهان بنجمه ، فهو من أولئك الذين جعلوا دواوينهم ساحات للنضال ، وقصائدهم ذاكرة للقضيّة الفلسطينيَّة .
لكنه ، وما أقسى لكن هذه المرّة ، كغيره من شعراء النصّ الحديث ، وقع ضحيّة لثقافة الآخر من جهة ، وضحيّة لمركب المجاز من الجهة الأخرى .
أمّا بالنسبة لانتمائه للحزب الشيوعي ، فلن نقف عنده ، لأنه من مقتنيات الشاعر الفكريّة ، التي دار حولها جدل ، وبالتالي فالحكم عليه متروك لما خفي من النوايا التي لا نستطيع أن نستبطنها ، ولسنا مأمورين بالتحرّي الدقيق حولها ، إلا حين يتعلّق الأمر بدراسة فكريّة شاملة لنتاج الشاعر ، وهذا يحتاج إلى بحث طويل ، يستقصي الفكر الذي يؤمن به الشاعر : أهو حزب تنظيمي أم حزب فكريّ يساريّ يطرح نفسه بديلا للدين الإسلامي ؟
أمّا عن نتاج الشاعر ، فالحق الذي لامرية فيه هو أنّ شعره يكاد يكون دولة أخرى تقوم بإزاء الدولة الفلسطينيّة ، وإن لم تظهر عليه ملامح النبرة الخطابيّة ، وهذا ، عندي ، هو الشعر ، وهو نضاله الحقيقي . حين يكون جزءًا من القضيّة يمتزج بها امتزاجًا لا تستطيع أن تفصله عنها ، فتقرأ الشعر كما لو كنت تعيش القضيّة ، لا كمن يقرأ عن القضيّة فحسب .
أمّا ما يخص نتاجه الشعري ، والذي يمتزج بفكره دون أدنى شك ، فمحمود درويش كغيره من شعراء الثورة الحديثة ، تلك التي استقت رموزها الشعريّة من منابع الثقافات الأخرى ، ثم قامت بإسقاط هذه الرموز ، من خلال رؤيتها الخاصة ، على قضاياها الوطنيّة والسياسية ، دون أن ترتبط بأيديولوجيا معيّنة . وكان حظ الثقافة اليونانية هو النصيب الأكبر ، ليس فيما يخصّ درويش وحده ، وإنما كل نتاج رموز الشعر الحديث ، الذين تشكّلت رموزهم من الثقافة اليونانية الوثنية ، بدءًا بعلي محمود طه ، ومرورًا ببدر شاكر السياب ، وأدونيس ، إلى محمود درويش .
من هذه الرموز الوثنية والأساطير ، على سبيل المثال ، " أسطورة البطل الإله " وهي التي يتميَّز فيها البطل بأنه مزيج من الإنسان والإله الذي يحاول بما لديه من صفات إلهيّة – حسب الأسطورة اليونانيّة الوثنية – أن يصل إلى مصاف الآلهة ، ولكن صفاته الإنسانية تشدّه إلى العالم الأرضي ، ومن ذلك قول درويش " عساني أصير إلها ، إلها أصير "
وترمز الأساطير في الثقافة اليونانية إلى تعدّد الآلهة ، وبعض هذه الأساطير قصص خرافية لا تخلو من توظيف العقيدة الوثنية التي ترى أن لكل مظهر من مظاهر الطبيعة إلهًا متصرِّفًا { تعالى الله عمَّا يقولون علوًّا كبيرا } .
فلمّا استقى شعراء الثورة الشعرية الحديثة رموزهم من هذه المنابع الوثنية ، وكانوا يعتمدون على بعض كتب في هذا الجانب ، مثل كتاب " الغصن الذهبي " للسير جيمس فريزر ، كان من الطبيعي أن تجد ردّة فعل عنيفة ، ولاسيما أن أكثرهم لا يجد حرجًا ، بحكم تربيته الثقافية وعدم تورّعه ، في أن يوظّف الأساطير الوثنيّة ، وساعد في ذلك وجود بعض النقاد الذين فتحوا الباب على مصراعيه بحجّة الفنّ ، وقبول الرمز للتآويل المتعدّدة . وهذا ، وإن كان فيه شيءٌ من الصحّة ، إلا أنّه أفضى إلى باب متّسع من الاستعمال الخاطئ لباب المجاز وتوظيف الرمز .
نتج عن ذلك أن قرأنا نصوصًا تتجاوز المجاز نفسه ، وضرورة ارتباطه بالدلالة المعجميّة ، والمحيط الثقافي النابع منه الرمز ، إلى أن وصل الأمر إلى دخول لعبة المجاز في المصطلح الديني الثابت ، كلفظ الجلالة مثلا ، علمًا أن ثمة فرقًا بين قولنا : " إله " وقولنا " الله " ، إذ الأوَّل يطلق على المعبود بحقٍ أو باطل ، بخلاف لفظ " الله " الذي لا يطلق إلا على الحقّ سبحانه ، وبالتالي فلا يصحّ امتهانه والتجوّز فيه ، أو إسقاطه كرمز شعريّ خاصّ ، لأنّه مصطلحٌ مقدَّسٌ ثابت ، كما أنّ استعمال المجاز فيما يخصّ الذات الإلهيّة أمرٌ بالغ الخطورة ويفضي إلى الإلحاد والزندقة .
ولاشكّ أننا حين نستحضر لعبة المجاز في النصّ الشعري الحديث ، وكيف أفضى إلى التلاعب بدلالات اللغة ، وامتهان المقدَّس ، فإن التاريخ يعود بنا إلى فتنة المجاز الأولى ، حين كانت فتنة تأويل ، لا فتنة إبداع ، الأمر الذي دعا ابن القيم إلى نسف المجاز من جذوره في كتابه الشهير " الصواعق المرسلة " ، وذلك بعد أن أفضى المجاز إلى التأويل في أسماء الله وصفاته ، حيث سمّاه " طاغوت المجاز " .
لقد ضلّ المعتزلة ، وتبعهم الأشاعرة في بعض الصفات ، لأنَّهم تأوّلوا أسماء الله وصفاته بحجّة أنّ ما ورد منها إنما كان على سبيل المجاز اللغوي ، فعطّلوا الله من أسمائه وصفاته فرارًا من التشبيه ، فوقعوا في تشبيهه بالمعدومات ، كلّ ذلك لأنّهم ركبوا مركب المجاز في كلّ ما يشكل عليهم من لغة العرب ، فغلوا فيه غلوًّا ظاهرًا ، تمامًا كما غلا نقّاد الشعر الحديث في المجاز الشعري ، وصاروا يتأوّلون لأيّ شاعر ، حتى لو شتم الذات الإلهيَّة ، بحجّة المجاز ، وحتى لو ثبت عندهم أنّه استعملها على سبيل الحقيقة لا على سبيل المجاز .
والحق أن ابن القيم كان محقًّا في بُعْدِ نظره ، وإن كان قاسيًا في حكمه على المجاز الذي هو جزءٌ من إعجاز اللغة ، لكنه حرصًا منه ، رحمه الله ، على الذات الإلهيّة من أن يمسَّها زنديق ، أو يعبث بلغة القرآن المتأوّلون كما هو حاصل في الدراسات الفكريّة المعاصرة كما نجد ذلك عند أركون وأبو زيد وحنفي . خوفًا من هذا ، وسدًّا لهذه الذريعة ، قفل – رحمه الله - باب المجاز من أساسه ، وحاربه حربًا لا هوادة فيها ؛ فأبطل أن يكون في اللغة مجازًا ، هذا طبعًا من وجهة نظره ، ولسنا ، الآن ، بصدد مناقشة وجود المجاز في اللغة من عدمه .
وها نحن نعود إلى الفتنة من جديد ، ولكن من باب الشعر ، لنجد من يتأوَّل مثل قوله " نامي فعين الله نائمة وأسراب الشحارير " ، وكأنَّ الشعر إله مقدَّس ينبغي لنا أن نفتح له أبواب التآويل ، وأن نستبعد أن يقع في المحظور ، برغم قوله الله الصريح : " والشعراء يتبعهم الغاوون ، ألم تر أنهم في كلّ وادٍ يهيمون " والهيام في اللغة هو السير على غير دليل ، فكيف يدلُّ الطريق من يهيم على وجهه ؟ أم كيف نتأوَّل لهم وهم يهيمون بلا دليل؟
إن الرمزيّة التي يحتجّ بها المناضلون عن الشعر الحديث كثيرٌ منها مبنيٌّ على ثقافةٍ وثنيّة باطلة ، فحين يتكئ الشاعر على رمز فإنما يوظفه بناءً على إحدى ثقافتين : الثقافة الوافدة التي شكّلت دلالة الرمز ، أو الثقافة المستوردة التي استقبلت الرمز لتشكّله من جديد . وفي كلا الحالين يصعب تأويل الرموز الوثنيَّة ، أو ما يتعلّق بلفظ لجلالة ، كما يشتهي هؤلاء المناضلون . إن قالوا : إنّه من آلهة اليونان ، قلنا : سقط الشاعر فيما ينبغي أن يفرّ منه ، وإن قالوا : إنّه رمزٌ بحسب ثقافة الشاعر المستوردة للرمز ، قلنا : وهذه أكبر من الأولى ، فثقافة الشاعر لا تجيز هذا الاستعمال إلا إذا كانت ثقافة وثنيّة تتفق في مبادئها مع الثقافة التي استقى منها الرمز .
وقل مثل ذلك في بقيّة الرموز اليونانيّة .
بذلك يتبيّن لنا أنَّ زحزحة الثقافة الإسلاميّة من موقع الريادة وإحلال الثقافة الأوروبيّة القديمة هي السبب الرئيس في خلق هذا الاختلاف حول توظيف الرمز في النصّ الحديث ، كما يتبيّن لنا ، أيضًا ، أنّ أكثر الذين يرفضون مثل هذه النصوص المتجاوزة إنما يرفضونها لأنّ ثقافتهم الأصيلة تنافح ضدّ الثقافة الدخيلة الوافدة ، بخلاف الآخرين الذين لا يهمهم أمر الانتماء لثقافتهم ، وإنما يعنيهم من الشعر ، فقط ، أن يكون رحلة لغويّة ماتعة .
من جهة الشاعر محمود درويش فهو ، من خلال ما قرأت له وعنه ، لا يعنيه أمر الدين ، فهو شاعر وطنيٌّ مناضل ، ودفاعه عن القضيّة الفلسطينيّة دفاعًا عن أرض سليبة ، لا عن أرضٍ مقدَّسة ، وهنا يكمن الفرق .
كما أنّ نصوصه تضجّ بالرموز المسيحيّة التي تدلّ أنّ قضيّته ليست إسلاميّة ، وإنما وطنيّة تخصُّه وحده . تمامًا كأيّ مناضلٍ وطنيّ في شرق الأرض وغربها ، وشمالها وجنوبها ، وهذا لا يمنحه شرف الانتماء لهذه الأرض المباركة .
لكن هذا لا يعني إطلاقًا تهميشه ، فهو جزءٌ ثقافيّ من القضيّة ، بوصفه شاعر مقاومة وطنيّة ، لا جهاد فلسطيني إسلامي ، ولعلّ هذا هو السبب في نيله الجوائز التكريميّة ، كما ينالها أيّ مناضل ، شأنه في ذلك شأن غاندي ومانديلا وبقيّة المناضلين الوطنيين ، كما لا يعني أن نغضّ الطرف عن الخلل في تركيبته الثقافية والإبداعيّة ، لمجرّد أنّه كتب عن فلسطين ، وسمّي بشاعر المقاومة .
إننا بحاجةٍ إلى القارئ الموضوعيّ أكثر من حاجتنا إلى القارئ العاطفي ، فالعاطفة ، أحيانًا ، تكتب خارج الوعي ، ويدفعها نبل الموقف إلى تجاوز ما لا ينبغي إغفاله من تجاوزات تصل إلى التعدِّي على المقدّس ، ولاشك أن السكوت على مثل هذا من قبيل المباهاة الثقافيّة ، أو خشيةً من تهمة جهل بلغة الشعر ، إنما يعدّ من الخرس الشيطانيّ الذي لا يُحمدُ لصاحبه ، فضلا عن أن هذا يضعه في تهمة الجهل التي فرَّ منها ، وربما سلبت منه المباهاة الثقافية التي سعى لها من غير طريقها .
ما كنت ، حقيقةً ، أودّ الخوض في مثل هذا الموضوع ، وفي هذا الوقت بالذات ، على الأقلّ احترامًا لمشاعر الإخوة الفلسطينيين الذين يرون في محمود دوريش مناضلا وطنيا ، لكن أن يصل الأمر إلى غضّ الطرف عن تجاوزات لا تحترم الذات الإلهيّة ، وتآويل فاسدة تبرّر امتهان لفظ الجلالة بحجّة المجاز .أعتقد أن الأمر أكبر من عاطفة مؤقتة ستزول بعد أن تجفّ دموع الجماهير بعد أيامٍ قلائل .
أخيرًا ، أحيّي الأخ حسين بن سودة على غيرته لله أولا ، وعلى شجاعته ثانيًا ، فأن تواجه ريحًًا عاتية أسهل بكثير من أن تواجه إعصارًا عربيًّا يحتفي بجنازة رمزٍ من الرموز التي اعتاد العرب على وضع النصب التذكاريّة على قبورها دون أن يأذنوا لأحدٍ بمناقشة هادئة حول الأفكار التي لا صلة لها بشخصّ الميّت ولا بمصيره الأخروي .
أمّا الإنسان محمود درويش ، فقد أفضى إلى ربّه ، ولسنا بهذه الورقة نحاكمه لنخلص به إلى الجنّة أو النار ، فهذا ليس ممّا يعنينا ، وغاية ما نرجوه له أن يكون مات مسلمًا لتنفعه دعواتنا له بالرحمة والمغفرة ، وأن يتجاوز الله عن سقطاته الشعريّة والفكرية ، ولاسيما ما يخصُّ تجاوزه على الذات المقدّسة والرموز الدينيَّة .
في الختام أحيّي كل أعضاء منتدى أبعاد الأدبية على كلّ هذا الضجيج اللذيذ ، الذي ، وبلا شك ، سيضيف إلى المنتدى شريطة أن يكون الحوار مثمرا ، هدفه الوصول إلى الحق ، ولا غير الحقّ . ولا يعاب المرء حين يتراجع في أمره حين يكتشف أنه في الطريق الخطأ .

تحياتي للجميع بلا استثناء .


التعريف بصاحب الورقة


هو الأستاذ الأكاديمي الشاعر ؛ الكاتب ؛ الناقد

سعود الصاعدي

 

التوقيع

حسابي في تويتر
http://twitter.com/#!/Alsalem15


التعديل الأخير تم بواسطة محمد السالم ; 08-17-2008 الساعة 05:29 AM.

محمد السالم غير متصل