تميز المطرب الراحل عبدالله فضالة بحس نقدي ساخر، وقدم في هذا المضمار عدة اعمال لعل ابرزها اغنيته الشهيرة «العجايز» وهي من شعره وتلحينه ايضا وقد قوبلت الاغنية بعاصفة من الاحتجاج وردود الفعل الغاضبة بعد طرحها على اسطوانة، ووصل سعر الاسطوانة ثلاثين روبية وهو مبلغ خيالي انذاك ثم ما لبثت ان سحبت الاغنية بعد ذلك ويقول مطلعها:
أحمد الله وأشكره وأثني عليه
كافل الأرزاق خلاق الأمم
جل شانه ما لنا رب سواه
موجد الخلق كله من العدم
يا اله العرش يا من لا يضام
اسألك وادعوك باسمك الاعظم
يكفني من شر عجز جايرات
هن بتلنني تقل طلاب دم.
حتى الان نذكر منها رب الملا، خذوني معاكم، سيدي يازين، طول الدهر سهران، كان الروض يجمعنا، طال هجر الحبايب، دنياك لو طالت، على يودان، عيدنا عيد الوطن، ياللي اسرت الفؤاد، الصبر أجيبه منين، قمر الليالي، انا ودي ولكن ما حصلي، اسمر عشقته، مر الزمان وفات، اعلل نفسي في الغرام، هلت دموع العين، ايا معشر الاحباب، انا البارحة، وسواها من الاغاني الناجحة في مختلف الموضوعات سواء التي كتبها ولحنها او التي اختارها من بطون الشعر العربي:
كما غنى عبدالله فضالة اغاني اخرى قدمها قبله عبدالله الفرج ومنها «لولا النسيم لذكراكم» وهي من التراث العربي قدمها اكثر من مطرب ايضا.
ومن الاغاني الجميلة التي قدمها الراحل اغنية «على خدي» التي كتبها الشاعر عبدالمحسن الرفاعي.
والقصيدة طويلة جدا تصل الى اربعين بيتا هاجم فيها العجايز وتحدث عن المواقف التي حدثت له معهن، وعندما قدمتها الاذاعة ثارت ثائرة الكثيرين واحدثت ضجة كبيرة خاصة في اوساط العجايز واوقف بثها عام 1960.
وهذه الاغنية تعتبر نموذجا لتميزه في تقديم اغان شعبية تعتمد على الكلمات السهلة واللحن المعبر فتدخل الى قلوب المستمعين بكل يسر.
الاغاني الوطنية
والمتابع لأغاني عبدالله فضالة يجد ان هذا الفنان خاض غمار البحث والتجديد في العديد من اصناف الغناء كما كان له دور في تقديم الاغنية الوطنية ونقتطف من قصيدته «الوطن» قوله:
بان يوم العز والفجر الجديد
يا هلا في نفحة اليوم السعيد
ننشر الاعلام ونقيم الفرح
عيدنا عيد الوطن يا خير عيد
وله عشرات الاغاني الناجحة التي ما زالت تعيش في اذهاننا.
وتواصلت رحلة عطاء هذا الفنان المبدع حيث ذاع صيته على المستوى العربي من خلال مجموعة من الاغاني الخالدة. وكانت فترة عمله في اذاعة البحرين مرحلة مهمة له حيث التقى هناك بالعديد من المطربين واستفاد منها في وقت لاحق في نشاطه الفني داخل الكويت. وكان همه دائما اثبات ان الغناء حضارة وقد يمكن له ان يقول الكثير، وعلى الرغم من معاناته الطويلة الا انه كان دائم البحث عن الجديد الى جانب انه قدم اغاني خفيفة، وفكاهية تنم عن موهبة فذة.
ويشير الفنان بدر الجويهل في مجلة عالم الفن العدد 368 بتاريخ 11/2/1979 عن اسطوانة فكاهية سجلها الراحل عبدالله فضالة مع حمد خليفة باللهجة البدوية اثناء تواجدهما في البحرين وسجلاها ارتجاليا وهما جالسان، الاول مثل دور مطلق والاخر شبيب، وهو ما ذكره وأكده حمد خليفة في جريدة الوطن 8/12/1994 حيث قال: «سجلت مع الفنان عبدالله فضالة تمثيلية بعنوان شبيب ومطلق وهي عبارة عن قصة فكاهية مسجلة على اسطوانة وحول علاقته بالراحل عبدالله فضالة يقول في لقاء معه نشر في جريدة الرأي العام 27/6/1997: «المرحوم عبدالله فضالة وهو صديق الجميع وسجلت معه عدة اسطوانات. وكنا نسافر مع بعض الى البحرين وله سمعة طيبة بين الاوساط الفنية، فهو خير من غنى الاصوات واجادها»، ويشير الى فاصل فكاهي سجله مع المرحوم عبدالله فضالة بعنوان «يا عوازل فلفلوا» باللهجة البدوية وقد تكون الاسطوانة نفسها التي اشار اليها بدر الجويهل.
وفاته
في يوم الخامس عشر من اكتوبر 1967 فجعت الاوساط الفنية والثقافية في الكويت والخليج بخبر مصدره البحرين ينعى رحيل الفنان عبدالله فضالة ارحمة السليطي الذي كان يقضي فترة راحة بين اهله هناك فداهمه المرض وفاضت روحه الى بارئها. وهكذا انتقل هذا الفنان الى جوار ربه. لكن اغانيه واعماله لا تزال خالدة