6
خذ الفتوى من أفواه الصائمين !!
كانت تلك وسيلتي لمعرفة ما يفطر وما لا يفطر .. كلما خطر ببالي نوع من أنواع الأكل .. واشتهته نفسي .. أذهب لأمي أستفتيها ... وإن لم أجدها فأحول الفتوى لأخوتي الكبار الذين سبقوني خبرة وجوعا وعطشا وصياما ... هناك بعض الفتاوى جاءت بقولهم .. افعل ولا حرج !!
لكنهم أحيانا يجزؤون الحكم حسب موعد استخدامه .. فما يجوز لك استخدامه قبل الظهر لا يجوز فعله بعد الظهر !!
وتتعلق عين الطفل بالشمس ، يرقبها ، يتبعها ، ويسأل : " متى تغيب الشمس ؟ !!
وتهادت الشمس للمغيب ، اليوم هو أول أيام اكتمال الصوم من بعد الفجر إلى المغرب ،وقالوا يأتي المغرب إذا غابت الشمس ، وغابت الشمس لم يعد بصر الطفل يلاحقها توارت خلف الغيوم أو ربما خلف الجبال ، لكن المغرب لم يؤذن ، والمؤذن الذي كنا نرقبه فوق السطوح .. لم أره اليوم ، ذلك أني دخلت نادي الصائمين ، ولا يوجد من ينوب عني في متابعة المؤذن وإخبار الأهل بقرب موعد الأذان . قد بلغ مني الظمأ مبلغه ، واعتصر بطني قرقرة وجوعا ، [ قرقر أو لا تقرقر .. والله لا تشبع حتى يؤذن العم حامد ] لكن العم حامد تأخر في الأذان اليوم .. يبدو أنه قد تعمد ذلك الأمر .. كأنه يعرف أنني للمرة الأولى أدخل نادي الصائمين ، للمرة الأولى التي أجلس معهم على السفرة دون أن يصرفني والدي ، المرة الأولى التي يصب لي فيها فنجان قهوة عربية ...
وأخيرا .. اذن العم حامد !!
جميعهم : [ بسم الله ، اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ]
وتمتد أيديهم للتمر .. وتذهب يدي للقيمات ...
يشربون القهوة ، وأشرب عصير التوت ... ابتلت العروق .. وذهب الظمأ وثبت الأجر إن شاء الله .. أشعر بعد شرب كمية كبيرة من العصير أني أحتاج للنوم ، أحتاج للراحة فقد أصابني الخمول بعد الارتواء ، ودب في مفاصلي النعاس بعد الشبع ، لكن صلاة المغرب وراءنا .. وكيف يصوم من لا يصلي !!
لم أشعر بفرحة مثل فرحي باكتمال صيامي ، كأن ذاتي تحققت ، كيف لا وقد بلغت مبلغ أخوتي الكبار ، وكسبت التحدي ، مع الهوى والنفس والجوع والظمأ ...وتحدي الموت !! ذلك أنني لم أمت جوعا ولا عطشا ، وتحدي الأصحاب وكلمات السخرية التي سمعتها من أعمامي وخؤولتي ... عندما بشرتهم بأني صمت إلى الظهر ... لأنني سأعيد لهم البشرى من جديد لكني سأمدها من الظهر إلى المغرب [ ابشرك صمت اليوم إلى المغرب ] ..
يتبع بإذن الله