عندما كنت في المسجد لصلاة القيام ( التهجد ) لهذه الليلة ، كان في الصف الذي أمامي طفل صغير يتراوح عمره مابين الـ 11 إلى الـ 13 عام يُصلي بثوب طويل جداً ! حيث كان تارة يجمع أطراف الثوب بيديه ويبقى ممسكاً بها ، وتارة يستجمع أطراف الثوب ثم يحشوها في سرواله ! وكان يسحب ثوبه الطويل ويتقدم نحو كل مكان فارغ يتركه المصلين ، وعلى الرغم من طول صلاة التهجد إلا أن هذا الطفل بقى حتى نهايتها بكل جد ونشاط . لما قضيت الصلاة مرّ من جانبي هذا الطفل الطيب ، فسلّمت عليه وسألته عن سبب طول ثوبه إلى هذه الدرجة ؟!! فقال لي أن هذا الثوب الذي يلبسه هو ثوب أخيه الأكبر وليس ثوبه . فلما سألته عن سبب ارتدائه لثوب أخيه الأكبر ، قال: اتسخ ثوبي قبل موعد صلاة القيام ، وليس عندي ثوب آخر ارتديه للصلاة ، لأنني لست في منزلنا الآن ، بل في منزل أخي ، حيث زرناه أنا وأمي هذا اليوم لتناول الإفطار عنده ، ولأني لا أريد أن تفوتني الصلاة طلبت من زوجة أخي أن تُعيرني أي ثوب من ثياب أخي كلي أُصلي مع المصلين وأدعو الله تعالى أن يرحم أبي ويطيل في عمر أمي وأن يدخلني الجنة وأن ينصر المسلمين في كل مكان . لم أتمالك نفسي أمام هذا الطفل ( العظيم ) فاحتضنته على الفور وأخذت أُقبله وعيناي تدمع .
بعد سؤالي عن أهل هذا الطفل تبين أنهم فقراء ( جداً ) .