كان الجو شديد البرودة
وكانت السماء تبعث بعض زخات المطر حينها .
بخطى متعبة كان يسحب قدماه
وبحيرة شديدة كان يتعاط التفكير في شتى الأمور .
انتقى أقصى طاولة في ذلك المطعم الشعبي
حيث زحمة الهدوء وسكون النظرات .
سحب الكرسي الخشبي القديم
ثم مسح بكمه الغبار الذي تراكم فوقه وجلس .
وضع يده فوق خده
ثم تنهد تنهيدة عميقة كأنها حقيبة مواجع !
ثم أخذ بيده الأخرى يتحسس جبينه تارة ، وتارة يمسح عيناه .
وبعد أن أخذ يغرق . . يغرق . . يغرق
فجأة أنقذه النادل : مرحبا يا سيدي ، ماذا تُحب أن تشرب ؟
فانتفض كالهر الذي أراد أن يطرد البلل ، - وقال: أعطني أي شيء غير مُـرّ .
النادل: تريده ساخن أم بارد ؟
- قال: أني مللت وحدة البرد
النادل: إذاً سأحضر لك شيئاً ساخناً .
- قال: لا ، إني كرهت سخونة الألم .
النادل مبتسماً : إذا ماذا تريد أن تشرب يا سيدي ؟
- قال: النسيان .