:
* عودة لـ دعوة :
- أعتقدُ بأنّ موضوعاً كهذا لا يموت - استبدال الألف في الـ " لا "
إلى " نون " - أيضاً يُقيْمُ المعنى ولا يُقيّم الشاعرَين .
ـــ
الأغنية عادلة جداً في هذه المسألة و عدلها لا يتّجه إلاّ
للنصّ الذي ستكتسيه بعد ذلك ، وهذا الكساء
غريبٌ جداً لأنّه لا يَسترُ شيئاً و لا يُعرّي شيئاً - على الأكثر عند
من يعي الشعر -
أي أنّه لا يستطيع فعل " الستر " عمّا تعرّى شعريّاً ولا يمكنه
فعل " التعرّي " عمّن استترَ بالشعر .
مِن ذلك أقول :
بأنّ عدمَ قدرة فنّانٍ ما على غناء قصيدةٍ لـ بدر السيّاب لا يُلغي
الشعر عنها ، بل ربما يكون " عدم القدرة " هو قمّة الشعر
ولن تكون " القدرة " هذه عيباً في قصيدةٍ لـ نزار قبّاني
بل ربما تكونُ أيضاً قمّة الشعر ..
لنصل من هذا وذاك إلى ما سبق قوله بـ : من يعي الشعر ،
وأنْ تعي الشعر فأنت هنا ستُجبر على إلغاء هذه الفوارق
وتتّجه إلى النص بعيداً عمّا حدث فيه بعد قوله .
- إذن أين يكمن عدل الأغنية فيما سبق ؟
عدلها بأنّها تتعامل مع النص بما يناسبها غير مشدّدةٍ
على " كميّة " الشعر الذي فيه وهذا من أبسط حقوقها
لكنّه ليس من حقنا أنْ نجعل هذا الـ " أبسط " هو الأعظم
والمقياس في " الشعر " .
المجازفة أنْ تغنّي نصاً كـ " أنشودة المطر " للسيّاب
والمجازفة العظمى أنْ تجعل من هذه المجازفة حجّةً
بقدرة الأغنية على " ستر " مثل هذا النص ..
لأنّه ومن غير اللائق أنْ تستر نصف الجسد وتعرّي
باقيه - أي أنْ تغنّي جزءاً منه وتترك أجزاءً - حتى وإنْ كان هذا
النص للأغنية - لفظاً وصورةً - .
أخيراً :
- عندما أريدُ شعراً يجعلني أشعر بعظمته ومن ثَمّ عظمتي
فلن أقرأ إلاّ ( المجموعة الكاملة ) للشاعر بدر السيّاب
وللأسف بأنّني لا أملك حالةً أخرى غير هذا الذي " أريد "
لأقرأ من أجله الشعر .