تمتد جذور بلدة الجبيل القديمة الواقعة على ساحل الخليج العربي إلى عصور غابرة، فقبل سبعة آلاف سنة تقريباً بنى فيها سكان "ديلمون" الذين انتشرت حضارتهم من البحرين إلى شمال وجنوب الخليج مستوطنة لهم آنذاك.
ولقد وجد القادمون الأوائل الذين حطت أقدامهم على أرض الجبيل القديمة ما شجعهم على البقاء فيها وربما يُعزى ذلك إلى مينائها الطبيعي المتميز، وكثرة أسماكها، ومحارات اللؤلؤ القريبة من الشاطئ، إلا أن السبب الأكثر أهمية يعود إلى وجود عيون المياه على مقربة من البلدة مما عمل على ضمان استمرار النمو والحياة الإنسانية فيها.
في سبتمبر عام 1933م حُظيت بلدة الجبيل بقدر من الشهرة حيث نزل فوق أرضها أول فريق من الجيولوجيين جاء للتنقيب عن النفط في المملكة. وفي غضون بضع سنوات كان إنتاج النفط يجري بالقرب من الشاطئ وأسفل ساحل هذه البلدة التاريخية. ومع ذلك فلم يك لإنتاج النفط على بلدة الجبيل إلا أثر متواضع لم يتعد توفير قدر محدود من الوظائف لسكانها.
وحتى منتصف السبعينيات، كانت الجبيل قرية صغيرة قائمة على صيد السمك و قيد شيد سكان الجبيل برجاً للاستطلاع و حماية المدينة لا يزال قائماً حتى يومنا هذا و يعرف باسم برج الطوية. قرب الجبيل تقع بقايا ما تم اكتشافه في منتصف الثمانينات بواسطة مجموعة كانت تحاول إخراج السيارة من الرمل، ما يعرف ب"كنيسة الجبيل". يعود تاريخها إلى القرن الرابع، أي أقدم من أي كنيسة تم بناءها في أوروبا. ويوجد بها أجمل شاطئ على الخليج العربي.
وفي عام 1983 م، أي بعد خمسين سنة من وصول ذلك الفريق، استحقت الجبيل أن تنال قدراً أكبر من الشهرة، حيث تم تدوين هذه المدينة الصناعية التي تم إنشائها في الجبيل في سجل (جينيس) للأرقام القياسية بصفتها أكبر مشروع هندسي وإنشائي يتم تنفيذه على الإطلاق. كما مثَّلت تلك السنة ذروة العمليات الإنشائية في مدينة الجبيل الصناعية حينما كان هناك أكثر من 50,000 موظف يعملون في بناء المدينة الجديدة ومرافقها وتشغيلها.
اشتهرت الجبيل في الماضي القريب بتجارة اللؤلؤ التي بوأتها مكانة مرموقة بين دول الخليج المجاورة مثل الكويت والبحرين وقطر, ومع اضمحلال تجارة اللؤلؤ أصبحت مجرد قرية صغيرة على ساحل الخليج العربي تضم عدداً من الصيادين والغواصين , وإلى جوارها وحتى يومنا هذا توجد حياة بدوية في الصحراء المتاخمة للبلدة.
واليوم تحولت الكثبان الرملية والأراضي المنبسطة (الصبخة) الواقعة في شمالي بلدة الجبيل القديمة إلى أكبر المراكز الصناعية الموجودة في المملكة.