كـ الكريما البيضاء الغضة أو العاجية بالفانيللا ، أو تلك البندقية قاسية الحلاوة يتملكني الخيال ، و يسوقني أمامه كعمياء باسمة ، مذاق كثيف / غليظ / سكري / خطير ، تغيب معه الحواس جميعها ، وأتحول إلى عبق الصنوبر وعطش اللوز وعتمة الكاكاو ، ملمس الرغوة الساخنة الهشة في حلقي يراودني عن اتزاني ، وابدأ في تصور الدفء برعونة تسحبني إلى أي مكان يرغبني ، وإن لم أشتهِ زيارته قبلا .
ليس من السهل أبدا .. أن نُكسب الأشياء المادية التي حولنا طعم أنفسنا ..ورائحتها .. صحيح تعارفنا على بعض الماديات التي نصبغها بذواتنا وتنعكس فيها حالاتنا .. ولكن هنا شئ جديد .. البندقية قاسية الحلاوة .. عبق الصنوبر .. عطش اللوز .. عتمة الكاكاو .. إلى آخره .
يدق اللحن خافتا في تلك المرحلة ، فأنفض عني ثوب الواقع ، وأكشف للجنون عن ساق وآخر داخلي من الساتان الجيد . تغمغمني الكلمات ، و تترنم أصابعي بلمسات تبحث عن النشوة في عالم الفراغ ، ثم حالة من هلوسة شديدة ، يرتعد لها جسدي ، وتتسارع مع موجاتها أنفاسي ، فإذا ما انتهى الكوب من لذتي ، وأعلن نفاد آخر كتلة من مخفوقه الجهنمي ، فتحتُ عيني نصف واعية ، فنشرتُ نثري ، ومسحت العرق عن أكتافي وعنقي ، وما بين أصابعي .
فنشرت نثري .. أهي حالة الوعي التي حضرت بعدما تناثرت النفس بين الكوب وإيحاءته .. والجنون الذي كان .. هل دوما ننتبه لأنفسنا بعد غياب اللذة ؟
نص مترع بالكتابة وحالاتها ودلالتها .. ووقعها على قارئها .. ولعل لها بعدا آخر لم انتبه له .. لكن أحب أن أكون بالقرب من هذا القلم .. تحياتي وتقديري