(إغفاءة)
أمسكت بعصاي السحرية ووجهتها إلى كومة الكتب المكدسة على مكتبي منذ شهور .. وأزلت الغبار عن سطحها .. وحاولت أن أتهجى بعض عناوينها فاستعصت علي .. نزلت بعيني إلى
أرض المكتب .. فرأيت صرصورا صغيرا يحاول تسلق ساقي العارية .. هززت ساقي بقوة
فطار والتصق بالجدار .. أمسكت بقلمي وكتبت بعض أرقام كانت تلح على مخيلتي .. وحاولت ن أتذكر أصحابها فلم أستطع .. نظرت إلى ساعة الحائط فوجدتها تشير إلى الواحدة بعد منتصف
الليل .. اتجهت عيناي مرة أخرى إلى كومة الكتب .. فوجدتها تتطاير أمامي .. فركت عيني أحاول أن أستجمع بعض خوفي وكثيرا من جنوني .. كانت الكتب تتسابق للاصطدام بوجهي
تساقطت عناوينها عند قدمي .. وكونت كومة استمرت في الارتفاع حتى بلغت ركبتي ..
حاولت القيام فلم أستطع .. عدت إلى الجلوس على كرسي مرغمة .. ألقيت برأسي إلى الوراء ..فاصطدم بالباب الزجاجي لخزانة المكتب .. شعرت بخدر لذيذ .. أغمضت عيني
واستسلمت للنعاس .. رأيت نفسي أركض على أرض دخانية تحيط بها الغيوم من جهاتها الأربع .. نظرت إلى الأسفل .. فلم أعثر على قدمي .. كانت ركبتاي معلقة في الغيوم ..
أحسست بألم في مؤخرة رأسي .. وضعت يدي على موضع الألم .. ثم نظرت إليها ..
فوجدت لونا أحمر قانيا يغطي أطراف أصابعي .. ابتسمت لغبائي .. لم أكن في يوم من الأيام أكثر انتباها ويقظة مما أنا عليه اليوم .. عدت برأسي إلى الأمام .. فلم أجد الكتب
التي كانت تغطي ساقي .. نظرت إلى سطح المكتب فوجدتها مرتبة حسب الحروف الهجائية
قرأتها عنوانا عنوانا .. وتذكرت مؤلفيها كاتبا كاتبا .. نظرت إلى الورقة التي كتبت عليها أرقاما كانت لأناس كنت أعرفهم في يوم من الأيام .. فوجدت أمام كل رقم اسم صاحبه ..
أمسكت بعصاي السحرية مرة أخرى .. ولمست بها أطراف قدمي .. فدبت فيهما الحركة
من جديد ..توجهت إلى باب المكتب .. وقبل أن أخطو خطوة واحدة نظرت إلى كرسي الذي كنت أجلس عليه .. فوجدتني ملقية برأسي إلى الوراء ومغمضة عيني ويرتسم على وجهي
ظل ابتسامة شاحبة كما هي حالي عندما ينتابني التعب من الاستذكار .. ابتسمت مطمئنة ..
وخرجت وأغلقت الباب ورائي بهدوء ..