منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - الدين أفيون الشعوب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2009, 01:35 PM   #5
هاني النجار
( كاتب )

الصورة الرمزية هاني النجار

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

هاني النجار غير متواجد حاليا

افتراضي



الأستاذة منال عبد الرحمن

شاكر لكِ في المقام الأول ترحيبكِ بشخص الضعيف، لكني كنت أتمنى منكِ مزيداً من الإسهاب والإطاله لا أعتذار عنها.

أما بخصوص الموضوع:

فالدين - بمفهومه العميق - إذا تحول إلى مجموعة من التشريعات والفتاوى الجوفاء، فلا شك أن فعله قد يتعدى ما يفعله الأفيون من تغييب للعقول. وإذا كان ماركس قد استند في نظريته على تلسط الكنيسة والحكم البابوي إبان تلك الحقبة المظلمة من تاريخ أوروبا؛ فلأنه لم يعرف الدين الحنيف، ولم يعي على وجه التحديد أن البون شاسع بين تعاليم وتشريعات سماوية، وبين رسائل الرسل وتفسيرات يوحنا ومرقس ولوقا ومتى، وغيرهم ممن اجتهدوا في تبيان ماهية المسيحية فضلوا وأضلوا .

كلمات ماركس اكتسبت شهرتها الواسعة من النجاح الذي حققه لينين ورفاقه في روسيا، فأثبتوا للعالم أجمع أن التخلص من ثقل الدين هو سبيل النجاح في الحياة، نفس ما فعله ماوتسي تونج في الصين، وتبناه كاسترو ورفاقه في كوبا .
لكن التاريخ دائماً خير شاهد..
فالاتحاد السوفيتي الذي قام على أسنه الرماح الحمراء يشحذ الآن مصيره، ورومانيا التي عانت الأمرين من استبداد شاوشسكوا.. قال مذيع الراديو عند إعدام هذا الطاغية: " مات عدو المسيح "، وأطفال كوباً يتضورون جوعاً، حفاة عراة وهم يصنعون أفخر أنواع السيجار.
لقد أثبت التاريخ بالدليل القاطع، الذي لا يدع مجالاً للشك أن الدين هو الذي يهب تلك الحياة نجاحها، فحتى الرأسمالية أثبتت فشلها الذريع، ويكفينا دليلاً أن أكبر نسبة انتحار في العالم تقع في سويسرا - بلد النقود والبنوك -، وتلك الأزمة المالية الطاحنة التي تحتاج الولايات المتحدة.. معقل الرأسمالية.
وفي تلك الظروف تتجمع عندهم الجماعات الدينية..
وها هم الآن يعودون إلى جذورهم الدينية باعتباره الملجأ الوحيد .

السؤال الذي طرحه المقال هو " هل أصاب أم جانبه الصواب؟ "
والجواب بكل تأكيد.. لقد جانبه الصواب، لقد سقط ماركس في خطأ تاريخي لا يُغفر عندما أقر بأن الدين أفيون الشعوب، بل وذهب لما هو أبعد من ذلك فأقر بأنه لا وجود خلف الوجود المادي.
كذبه التاريخ.. وكذبه العلم أيضاً.. وها هم أتباعه يقبعون في زوايا التاريخ كالجيف التي ينطق بعفونتها كل حجر كان قائماً في سور برلين .

ولكن........ ماذا عنا نحن؟ لماذا تحول الدين من مفهومه الشامل الذي سيَّد أصحابه على الدنيا إلى هذا المفهوم الضيق؟ إما نجعل أيدينا مغلولة إلى أعناقنا، وإما نبسطها كل البسط؟
لماذا نركن إلى الصبر وحده؟ ألم يقل الحق تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله أعمالكم ورسوله والمؤمنون " ؟
بيد أن حالة الخمول والاتكالية، والتواكل.. جميعها دفعتنا لنستقى الدين من أفواه من لا يفقهون فيه شيئاً إلا حلاوة اللسان، فيقدمون لنا دينا جديداً.. على الموضة.. وأخر صيحة .

لقد أمرنا تعالى بالعلم والعمل، بالجد والاجتهاد، كلٌ حسب طاقته لأن كلٌ مُيسر لما خلق له. أما الصبر.. فإن له مفهوم آخر غير ذلك الذي يقبع في عقولنا.. " اصبر على جار السوء.. يا يموت، يا تيجي له مصيبة"
هذا هو مفهوم الصبر عندنا.. تواكل واتكالية ليس أكثر.. ويظنون أنهم سيدخلون الجنة من باب الصابرين.. والله هيهات.. فالصبر لا يكون إلا على ابتلاء الله الذي لا يد لنا فيه.. " لا شفاعة في الموت ، ولا حيلة في الرزق "، لكن الصبر على منكر من فعل بشر ليس صبراً.. وإنما ذل.
تغيير المنكر بالقلب ليس صبراً.. وإنما هو أضعف الإيمان .

إذن كم هى المسافة التي تفصل بيننا وبين باب الصابرين؟؟.. أعتقد أنها شاسعة

شاكر لكِ من أعماقي هذه الإضافة الثرية، التي استطاعت أن تفصل بين الأضداء، وتمنحنى فرصة لإثبات وجهة نظري في القضية التي آثرت أن أضعها في البداية مشوشة.. وغائمة ،
وأخيراً.. ليس الدين أفيوناً ولا مورفيناً كما ادعى هذا الملحد فكذبه التاريخ والعلم، ولكنه هو سبيل النجاة الوحيد .
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.

 

هاني النجار غير متصل   رد مع اقتباس