منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - روح حائرة
الموضوع: روح حائرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2009, 02:53 PM   #1
هاني النجار
( كاتب )

الصورة الرمزية هاني النجار

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

هاني النجار غير متواجد حاليا

افتراضي روح حائرة


روح حائرة

***


لم يكن يدري أنه سيصير روحاً حائرة.. تجيش بأغوارها الأحلام،
لم يكن يدري أن الأيام ستعود لتنتقم منه جزاءاً لما اقترفه من ذنوب وآثام،
لم يكن يدري أن شغائف قلبه الحزين سوف تدفع به يوماً لآتون تلك الحيرة القاتلة.
سأم حياته، ومل طول الانتظار...
راح يتمني النهاية، يشتاق إليها حتى وجد نفسه قد مكث في ظل شجيرات عمره العارية، يهرب من شمس أيامه الحارقة.. دون جدوي.
بقايا عمره تلوح له، تخايل عيناه، بينما رفات الإنسانية تسكن صدره، ونفايات الأمل تركض داخل أغواره.
نظراته المنكسرة راحت ترحل في ذلك الأفق الممتد الدامي المتخاصر وأطراف الغيوم الداكنة، غافلاً عن روعة أمواج البحر التي تهدر تحت قدميه.
فتذكر يوم أن رحلتْ عنه حبيبته، وجاء القدر يجثم على قلبه ويطلب منه فراق روحه وأحلامه وكل آماله، لتقف أعباء الحياة بعد ذلك حائلاً بينه وبين من أحب،
حتى مرت تلك الأعوام، وفرقت بينهما ملايين المسافات.
فعاش يحلم باللقاء، يبحث عن تلك العيون التي غاصت في دوامة الرحيل بلا رجعة. وفجأة..
بدأت عيناه ترحلان نحو شيء ليس له وجود، ليشعر أن قدماه تنوءان بحمله وكأنه شبح غاب عن الواقع فغاص في لجة المستحيل.
احتواه الشرود كثيراً وعندما حان التفاته وجدها أمام عينيه..... !!
تنظر نحوه في لهفة كأنها ملاك حط رحاله، واختار حبه الأول سكناً وبيتاً وعنوان.
بقي ساهم النظرات إليها، هائماً بطيفها الساحر، مسافراً فوق عبيرها الفواح حتى حثحثت الخطي إليه وراحت تقاوم دمعة حارة قبل أن ترتمي في أحضانه قائلة بصوت مشروخ ينطوي على مزيج من الحزن والألم:


- أتلك هي نهايتك .. روح حائرة ؟!

فانقبضت أسارير وجهه وراح الحنين يطل من صوته الهامس:

- بدونكِ.. كل شيء حائر، الدنيا كلها في عيني حائرة بلا هدف.

فملئتْ صدرها بنسيم البحر قبل أن تتساءل:

- والآن؟

فعرفت بسمة مهاجرة طريقها إلى شفتيه قبل أن يتمتم قائلاً:

- والآن.. أنا لا أصدق أنكِ بين ذراعاي، لا أصدق أنكِ هنا، لا أصدق كيف أن حبكِ لم يغادر مرفأ قلبي، لا أصدق أني مازلت أحبكِ كل هذا الحب.. أشتاق إليكِ كل هذا الشوق، لا أصدق أن تلك السنوات التي مرت لم تحرك ساكناً داخلي، ولم تغير صورتكِ في عيني..، الآن أنا لا أصدق أني أتنسم عبيركِ مرة أخرى.. أحلم هذا أم حقيقة؟


فتسللت من بين ذراعيه، وعادت إلى الوراء...
ظلت تتطلع إليه بنظرة من أخذ منه الشوق مأخذاً، وبلغ به الحب مبلغاً، ثم ابتسمت قائلة:

- بالطبع حلم.....


فعاد من شروده، وراح يتلفت حوله مستفرداً، مستوحشاً،
تتراقص الأماني في صدره، والماضي في قلبه،
ثم مضى حائراً... تجيش بأغواره أحلاماً......... لن تتحقق.

 

هاني النجار غير متصل   رد مع اقتباس