منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - صحراء راودها الرذاذ . . .
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-23-2009, 02:44 PM   #19
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 19 ابريل 2009




....
...
..
.

مذكرات يومية تُرسّخ ذاكرةَ الماءِ بينَ أرواحنا، لم أعتَدْ كتابَتي في كلِّ يوم، مَضتْ منّي عشراتُ الأعوامِ دونَ أنْ أشعُرَ بأهمّيتِها، أو حتّى أهمية أيَّ يومٍ مُميّز، وحينَ أشرقْتَ على حياتي، أصبحتْ كلَّ أيامي مميزة، ترْتَصُّ جميعها واحدةً تلوَ الأخرى بأحداثِها، وما يَزيدني احتفاءً بمذكراتي، عيناكَ اللّتانِ تبحثانِ عنْها في كلِّ مرّةٍ تزورُ خُلوتي.. أنت هنا دائِمًا.. أعلمُ ذلك، ويزيدني فرحًا أنّكَ هُنا.. في مُربّعاتيَ الخضراء.. خضراءُ بك، وبوجودِك، يا أرقَى صُدفَةً صَدَمَتْ حياتي بِنَفحاتِ الرّذاذ.. لم تكنْ صحرائِي مُجرّدَ رمالٍ ناشفة.. بل هي مهبطٌ شاسعٌ لكلِّ ألَمٍ ومحطةٌ لكلِّ حزنٍ مُغتَربٍ في أعصابِ الروح.. لم تكنْ فُجاءَتُك الأولى سوى دهشةٌ عظيمةٌ افتَقدتُها في مساراتِ حياتي كلّها، حتّى فقدتُ طعمَ الحياة، نحنُ دائِمًا نبحثُ عمّا يُدهِشُنا لنشعرَ بلذّةِ العيشِ، وقبلَكَ لم تكنْ لي دهشةٌ أحياها غيرَ ما يستَجِدُّ فيّ كلِ يومٍ من الألوانِ الباهِتَةِ والطّيورِ الجائِعَةِ والفئرانِ المُتطفّلةِ على شُقوقِ روحي.. أقسمُ أنّكَ الرّذاذُ الذي طالَما حلَقْتُ معَهُ في أحلامي.. حتّى غدوتَ سحابةً ملائِكيّة مَنحوتَةً بعنايةٍ ربّانية تمنَحُني العَطاءَ بكلّ أشكالِهِ.. حتّى هذا اليوم.. أشعرُ أنّني لمْ أمْنَحْكَ أيّ شيءٍ غيرَ روحي، أريدُ أنْ أصنَعَ من الهواءِ بحرًا تتقزم أمامه قفزاتنا وإرهاصاتنا، وأكونُ المرسى الحقيقيَ الذي تجدُ فيهِ دفئَكَ وراحتك.. أبحثُ عن أكبرِ معاني العطاءِ لأمنحَكَ إياها، هاتِ وجهَكَ.. هذا الصّدر له معبد، اترُكْ دموعَكَ تُصلّي فيه وتبتهل حتّى تُشجِرَ مَمراتُ الرّوح الموحشة.. صدّقني حتى هذا اليوم أشعرُ أنّني لم أعطكَ ذرّةً مِمّا أعطيْتَني.. يكفي احتِواؤُكَ لبُكائي في كل مَرّةٍ أنْهالُ عليكَ به، بعدَما افْتقدتُ خُصلَةَ البُكاءِ لسَنواتٍ طويلة، بَدى غزيرًا حينَ وجَدتُك.. حُلُمي العظيمُ بكَ تحقق، وصرتَ أنتَ الذي امْتَزَجَ بمساماتِ روحي حَدَّ الالْتِحام، التوحُّدُ الذي طالما افتقدتُه في حياتي، حتّى منْ أقربِ أقربائي، إخوَتي وعشيرتِي الغَبراء.. كلُّهم كانوا مَرصَدًا لهَفواتي وتَقهْقُراتي الكثيرة، إلا أنتَ حينَ انبعثتَ إليَّ بينَ أروقَةِ ذلِكَ المَعرض، ولازمْتَ شَغَبي و(دِفاشتي) في كلِّ تَصرُّفاتي، كنتَ تسْتَقرِئُ ما وَراءَ كلِّ ذلكَ ممّا يَخفَى على الجميع، أو بالأحْرى ممّا أُخفيهِ عنِ العالمين، أنا صاحِبةُ الشّعار المجيد.. ( لا أمنح حقيقتي إلا لرجل واحد) فكنتَ أنتَ هذا الرّجُلَ المجيد.. مارستُ حياتي مثلَ عابِرَ سبيلٍ لا يَهِمُّهُ رأي النّاسِ فيه، لأنّهُ يعبُرُ السّبُلََ ليَصِلَ إلى وَطَنٍ لا تُمثّلُهُ أرضٌ ولا سماءٌ ولا كوكبٌ ولا حدودٌ سياسيةٌ ولا امريكا ولا أفريقيا.. أنا فقطْ أبحثُ عنْ وطَنٍ بشَري يستوعبُ كلَّ عقَدي وتفاصيلي البسيطة حدَّ التعجيز، صدّقني أنّني أبسطُ من خيالِ السهولة نفسها، وأعقدُ من عقدِ النّفّاثاتِ في العقد.. أنا تلكَ العاشقةُ لكلِّ ألوانِ الحياة حتّى الرمادي، لأنهُ حين يتَنسّقُ مع الأحمرِ أو الزّهري أو الأصفرِ، يصبحُ رونقًا جديدًا تمامًا، كنتُ أنظُرُ للحياةِ ببُهْت.. بالرُّغم من ابتسامَتي التي لا تُفارِقُ عيني، ويدي اللتان تمتَدُّ لكلِّ من يحتاجُها، ولكِنّي أعيشُ في أدغالِ روحي وحيدةً أقطَعُ أشجارَها وأحْطُبُ وِحدَتي ولا أجِدُ ما أشْعلُ به الفرحَ..
"
تعال اجمع حطب حزني على ظهر الفرح
وصب القهوة في اضلوعي
ودوزن لحظة ارجوعي
ترى والله نسيت بغربتي صوت الفناجيل
ونسى وقتي يشب الضوْ.. فـ صْخورِ الوله
وإذا لاحت بشاير طلتي
صحّـِ القناديل
وابرق لي قدح..
**
تعال ودندن دموعي
أبتوضى خشوعي
وافتح المنفى.. وارد لغربتي
واحرق بسيجار الوجع نخوة دلال الهيل
واليامال..
ولا بقي غير السؤال
دهشة فناجيل ..
وقدح ..
يوم انحطب ظهري صبرْ
وما شب الفرح
بكيَت مناديل وعبر
وطار أبعد من جناحه
طار به :
نورس جمحْ........

أنت يا صديقي صاحبُ المليونِ معجزة، التزامُكَ في جناحي في ذلكَ المَعرِض أثارَ شوْقي إليكَ ولكنّي كنتُ أكبُتُه وأقابلُكَ (بدفاشتي) المعتادة، حتىّ التحَمَتْ أقدارُنا ، تلكَ الأقدار التي لم يبْعثْها الله ولا الشيطان، تلكَ الأقدارُ التّي اتَفقنا عليها سويا، حينَ لمسْتَ يديّ عندَ أولِ نافُورةِ لقاء، وأقسمُ أنني لمْ أكُنْ لحظتَها على سطْحِ الأرض، أنا تجَرّدْتُ تمامًا من عالَمِ المَخلوقاتِ المرئيّة، إلى تلكَ الجنّةِ التّي خصفْنا فيها جُروحَنا بوَرَقٍ من رَذاذ، كنتُ أداويكَ وتُداويني، أحتويكَ وتَحتويني، أثرْتَ فيّ رعْشَةَ الانْفِصام.. وانسخلتُ من نَفسي آلافَ المَراتِ وأنا أُحدّقُ فيكَ عبرَ إغْماضَةِ عيْني، أيُعقَلُ أن يُولدَ قلبي على يديْه؟، ها أنا أتمخّضُ مخاضًا عنيفًا، أبْتلِعُ الحُزْنَ وأتَجرّعُ نواقصَ الدُّنيا وأثيرُ حوليَ عاصفَةً من حضور.. كتِلكَ الجنيّةُ العذراءُ ذات الجبروتِ والسلطة، حينَ تلتَقي نديمِ قلبها.. تنسَلُّ من بينِ فستانِها أرقَّ مخلوقةٍ من بينِ العوالِمِ كلّها.. كنتُ أبحَثُ عنْكَ بحثًا مُضنِيًا.. حتّى تجليّتَ في صُدفَةٍ اخْتَلقْناها سويّا.. باندِفاعِكَ ورِضايْ.. أمسَكْنا الهواءِ وطرْنااااااا.. ولمْ نجدْ في السّماءِ سماءً تحدُّنا.. فانبعثنا كآخرِ سلالةٍ للأنبياء...


....
...
..
.



زينب........


 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس