منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - صحراء راودها الرذاذ . . .
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-24-2009, 09:07 PM   #21
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو
 
0 وجوه...
0 حنين في أبوظبي
0 من ذا الذي...؟!
0 طريق . . . . . .

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 23/4/2009




....
...
..
.


لمْ يكُنْ صباحًا مكتملَ الحيوية.. الجيرانُ نائمون وأنت، كنتُ بحاجة لاستنشاق هواء طازج، ها أنا أنفلتُ من ذلكَ الباب الزجاجي، ورائحةُ الجزيرة تملأُ صدري.. الفطيسي.. جزيرةُ الاستجمام الرائعة أيام منتصف الأسبوع حيث لا سُيّاح ولا زوّار من المدينة.. قصرُ الإمارات يلوّح من بعييييييد.. والعمائرُ تراصّتْ في عشوائيةٍ غيرِ معقولة... أمامي أشعةُ الشمس توقِظُ البحرَ من سُباتِهِ العميق.. طائرُ (مالك الحزين) يَشْدو ويشدو على أوتارِ قلبي.. أشجارُ جوزِ الهند تُمشّطُ خُصْلاتِها بالهواء الصّباحي الرائع.. برودةُ الجو منعشة.. وأبخِرةُ الشاي بينَ يديّ تُعزّزُ النّقاء.. سيجارةُ الصّباحِ امتَلأتْ بمعاني الإشراق.. نعناعُها مُنعِشْ.. وصوتُ الموجِ في هذه الجزيرةِ يكادُ يُوَشْوِشُ لي بحبّي له !.. المياهُ منحسرةٌ بعيدًا عن شاطئ الجزيرة.. هناكَ عندَ (الدرامات الحمراء) الطافيةِ على وجهِ البحر.. تَعني إشاراتُ عدمِ التّوغّلِ أكثر في الماء.. الشمسُ حنونةٌ هذا الصباح.. تملأُ العينينَ رضًا بكلِّ شيء.. ها هو الشّغَبُ يمُدُّ يديَّ إلى قرية تلكَ النّملاتِ الصغار.. وضَعْتُ آخِرَ صُلبِ السجائِرِ المُشتَعِلِ بجانِبِهِن.. ليَبْتَعِدنَ فجأةً عنْ مساحَةِ الدّخان، ويتراكَضْنَ لتُبلِغَ الواحدةُ الأخرى.. وحينَ اقتربتْ تلكَ النّملةُ الفَضولِيّةُ منْ الدُّخانِ اختنقت.. وذهبَتْ تتأرْجَحُ بعيدًا وكأنَّها تسعِلُ وتستفْرِغُ.. ياااااااااه، لماذا أنا شريرة هذا الصباح؟! (والله مشكلة الدباديب لما يحبون يستكشفون شي)
عدتُ إلى كُرسيَّ الأبيض المطل على صفحة البحر.. حضنٌ يحتويني من الخَلف.. ها أنتَ أتيتَ ليُصبِحَ الكونُ الآن مُمتلئٌ بِنا..

- صباحْ الخير حبي
- صباح الورد ..الجو حلو صح؟
- شوي برد
- عشان توك طالع من عند المكيف..
- يمكن..

أخذتْنا غفلةُ الحبِّ بتَجوالٍ خفيفٍ وناعِمٍ على أرْوِقَةِ هذه الجزيرة، الشاليهات كُلُّها راقِدَةٌ في سُباتِ أولِّ الصّبح.. ونحنُ اثنانِ نُحَلّل ونخطط ونضحك.. بكسَلِ الصّباح الباكر.. الله..... نشوةُ السعادةِ تغمُرُني.. وثمَّةَ رغْبةٌ خفيَّةٌ بالدّموع تجتاحني..
غرفَتُنا مظلمة.. وذبابُ البحرِ الأخضَرِ (أذّانا)، ذلكَ الضوءُ الأزرق الخافِتُ المُعلقُ في سقفِ الشاليه.. يصيدُ الذّباب و(يفرقِعُهن) واحدةً تلو الأخرى.. كان الشجنُ قدْ خيّمَ على صدري.. وأنتَ مرهقٌ من بارحَةٍ مليئةٍ بالشّغَبِ واللّعِب.. ولستُ أدري لمَ أهرُبُ بعينيّ من عينيكَ كي لا تكشِفَ شجَني.. أنتَ تفهمُني أكيد.. ولكنّي أقدّرُ إرهاقَكَ في هذا اليوم.. لا أطلبُ منكَ غيرَ ما يسُدُّ شجَني فقَطْ.. حُضْنُكَ يَفي بالغَرَض.. وأنا على استحياءٍ من نفسي.. لا أحاولُ تفجيرَ كلَّ صراحتي.. ثمةَ ما يدعوني للبُكاء.. لأنّني أعلمُ أنني لستُ كما تَتَمنّى أنت، لستُ الفاتِنَةَ التي تأْسِرُ لُبّك.. ولا تلكَ الجذّابَةُ البارعة.. كلُّ ما في الأمر أنّني أنثى أقلُّ من عادية، وجدتْ وطنَها وتشبّثتْ به حتّى الموت.. وكلُّ ما يميّزها عن غيرها، أنّها بلادٌ شاسِعَةٌ من الحُبّ والوِئامِ والحنان والانسجام.. أستطيعُ أنْ أمنَحَكَ الحُرِيّةَ حتى تُصبِحَ غيمة.. وهذا ما لا تستَطيعُهُ عشائِرٌ منَ النّساء.. أما ما تبَقّى مني.. أقلُّ بكثيرٍ ممّا لدى الكثيرات.. عزائي أنّني أسعى للتّغييرِ من أجْلِك.. لأكون أجمل سيدات العالم.. والتّغييرُ يبدَأُ بالصّدق.. وقلبي لمْ يعرِفْ غيرَهُ معَكْ..
أزَفَتْ لحظةُ العودَة إلى المدينة.. الغرفَةُ تتَنفّسُ دخانَ السجائِرِ معنا، وأنا ألمْلِمُ ما تَبقّى من حاجِياتِنا.. الهاتف يرن..

- Arbab.. Boat is here

ها هو مشرفُ الجَزيرةِ يدعونا للرّحيل.. لجاهِزِيّةِ الزوْرَقِ (الطراد) الذي سيَقِلُّنا.. الفرحَةُ مُنسَرِحَةٌ في قلبيْنا، والرّضا عن رحلَتِنا كانَ كبيرًا..عشرةُ دقائق تَفصِلُنا عنِ الجَزيرةِ الأُم (أبوظبي) ولكنْ مازالتْ ملامِحُ التّعَبِ و(السُّمرة) التي خَلّفَها البحرُ وملوحتُه ظاهِرةً على وجوهِنا.. المكينة تَمخُرُ عُبابَ البَحرِ الساكِنِ تحتَ نسائمَ رفيفة.. ومرسى (قوس قُزح) استَقبَلَنا بعد استِجمامِ يومٍ ونصف هي أجملُ ساعاتٍ عشتُها....

.
..
...
....


زينب....


 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس