منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ][عَيـنْ ][
الموضوع: ][عَيـنْ ][
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2009, 06:31 PM   #2
عين
( كاتبة )

الصورة الرمزية عين

 






 

 مواضيع العضو
 
0 ُــ الخــطَايَاُ ـــُُ
0 ][عَيـنْ ][
0 ع ـين،،/آه
0 13/4

معدل تقييم المستوى: 18

عين غير متواجد حاليا

افتراضي مَنَازلُ الطّينْ،،


[ دعنَا،وودّعنا]



يتذكّرِ الآخرونَ بأنها فاطِمةْ وبأنّ لها حكايةُ ما، يغزِلها الوقتُ ولا ينجبُها القصبْ، كانتْ الأجملْ كَما في الأساَطِيرِ والخرافَاتْ، كانَ على فمِها طعمُ التوتِ يُشتهى تغتسِلُ بماءِ العينِ تفرّشُ جسَدَها بالحبّ فتتساقط زَبداً.
تتحدّثُ جارتهمُ أم السادةْ بأنها كانتْ لا تلتقطُ مِنَ الماءِ بقدرِ ما يلتقطْها، تتساقطُ فيهِ فيصبِحُ أكثرَ حلاوةً واكثرَ بياضاً.
كانتْ تسيرُ على أطرافها ويحدّثها بؤبؤ عينين تلاحِقانها على الطريقِ بأنّها ترقُصْ.
شعرُها المائلً الى الكستنائيْ، عيناها العسليّتانْ، وغمّازةٌ تلجً خدّيها فيما يشبِهُ التقبيلْ.
تستترُ بعباءَتِها، وتنتثِرُ على أرضِ المَنامَةِ كحلمٍ قصيرْ.
يشبهها ولا يُشبهُ إلا طعمَ القندةِ التي تناقل سِيرَتُها البحرانيون، تضيءُ على أفواهِهمْ وتنطِقُ شِفاهَهُمْ عنِ الهوى.
فاطِمةْ، تلكَ التيْ أنجَبَها الحيّ وتناقَلتْ سيرتُها الجدارانُ والسِنَتها وآذانِها. تشبِهُ عرسَ المَنامَةِ في ليالي رمضَان عندما يجتمِعُ الناسُ وينثَرُ الرّيحانُ ويتبخّرُ المشمومُ بالشوارعْ، عندما تلتَفتُ فتصيخُ السّمع لدعاءٍ تحرُسْهُ مأذنةُ (مؤمنْ).
تشبهُ الأعلامَ الملونةَ على أسطحِ المآتمِ ووجوهِ العابرينَ في ليالي المواليدِ المزكّاةْ.
ولا تشبِهُ أحداً سوى لفّةَ عباءتِها التي تفشي سرّ حليبِها على الملأْ، فتعبُرُ الماءَ ولا يلامِسها الترابُ ولا تستديرُ ولا تصبحْ.

***
وجدتَ على سريرِها ماءاً فانتفضَتْ في أزقةِ العشقْ تذرو بيادِرَها ولا تثمرْ، أجابَتْ أورَاقَها لكَيْ تكِلَ للسماءِ مهمّةَ حراسَتِها من شظفِ الموت، وظنّتْ بأنّ سَماءَها ترسِلُ لَها الملائكةْ وهيَ هناكَ تتعرى فيلجُها الموتُ في هيئتهِ رغمِ خيوطِها الخضراءْ.
لا تتركِ قنديَلكِ في كبدِ المساءْ، تُحاصِرُهُ نجومُ اللهِ فيلثُغُ نورَهُ أوْ يَصْمُتْ. وقدْ يقَعُ في حليبِ جَسَدَكِ نفرٌ مِنَ الجنّ فتقطُع أواصِرُكِ وأراضينا: حذّرَتها جارَتهُمْ أمّ هاشِمْ.
ومِن يومِها ما أضاءَتَ غيرَ شمعةٍ نذَرَتْهَا لأيامِ الظمأْ، عندَما ينفذُ ماءُ قنديِلِها الذي يشتعِل حتى العشاءْ، ثمّ يتظاهَرُ بالنّومِ ويسهرُ هوَ الآخرُ في عينيّ البحرانيْ.
أتَاها الشيخُ المؤمِنُ في ذلكَ اليومْ، راوَدَها فلَمْ ترِدْ، نزَفَ في أذنيها ماءَه وناوَلها خيطَهُ الأخضرْ، دعَاها لتكونَ متعتَهُ الأخرى، بعدَ نساءه الاربعْ، تَحامَلتْ على أطرافِها، وهربت. ومِن يومِها أصَابَتها لعنةُ الميامِينْ، قالوا بأنّ مسّاً أشاحَ برئتيهِ لاستنزافِها، وهيَ قد وُسِمتَ لسيّدٍ لا يردّ، فشرفُ ابنِ رسولِ الله يكفيها، للتدثّر سماءَ الله وتكونَ مِن المرضيينْ.
فاطمةُ المكتوبَةُ على جذعِ نخلةٍ يغسِلها السّدرُ ويسيرُ على أطرافِها عصفورٌ شاردٌ أودَعَتهُ خبيئَتها وهمسَةَ البحرانيِ المتعرّقِ جزعاً وحبّا، يلاحِقها بؤبؤ عينيه وينتفضُ لها ويهمسْ:/ أراكِ يا فاطمةْ، أراكِ.
تهشّ على جسدِها بلفحةِ الهواءِ البارِدِ في سخونته، عندما يهمسُ مِنْ خلفِ عباءتِها لايطرِقُ بابَها ولا يتحدّثُ إلا همساً، وتكونُ هي حورٌ عينْ. وريحٌ مِنَ الجنّة.
تنزعُ مِن أذُنَيها قرطَيها وتعلّق فمَه وحروفَ اسمِها التيْ صارتْ أكثرَ عذوبةً مِنَ الصدّيقةِ ذاتُها:
فـ ا طِ مـ ـة، وتستغفِرْ لأنّها أحبّت نفسَها أكثرْ في ذلِكَ اليومْ.
تنزِعُ للصّمتِ حينَ يمرّ، تغتسلُ كلّ مساءٍ بماءِ العين تغسل حنّاءَ شعرِها، وتدسّ الوردَ المحمّدي بينَ نهديها.
تحرثُ في ضفائرها المشمومَ وتنتظرُ هطولَ الظلمةِ فتطفيءُ قنديلَها وتضيءُ شمعتها.
تفترشُ سجادةً وتصلّي، وبكفٍ مرتعشة، تربِطُ خيطاً آخرَ في حبّهمْ وباسمِ اللهِ تنذرُ لهُ ألا تهطُلَ إلا على غابته، علّها تعشِبُ في ضوضاءِ سكونِهِ وتحبلُ مِنهُ نطفةَ حبّ.
تبتَسمُ، تطفيءُ شمعتها، تلتحفُ ثوبَها الململْ، وتغمضُ جفنيها، وتنامْ.
في كلّ ليلةٍ يأتيها البحرَانيْ، يهمسُ في غمرةِ النّارِ فترتعشُ ويغمُرُها الماءْ. تستيقظ في الصّباحِ وترسلُ ما تيسّر (فاتحةٌ) لأمّ البنينْ.
تربطُ عقدةً أخرى في خيطِها، وتتمُ تعاويذَها، وتنزويْ في الدارِ بلا حكايةٍ وبلا بحرانيْ يطيرُ بها على بساطِ الريح.
فاطمةُ التيْ اكتحلتْ بنورِ الصّبحِ قبلَ أن يحينْ، ترتديْ أثوابها الموشّاةُ بالوردِـ تغسلُ وجهها، وتحمل من شجرةِ دارِهمْ (محمّدية) أخرى تدسّها بينَ نهديها، وتبتسم صَدَقَةً لله.
تلتحِف عباءَتها وتخرجُ مع الصبايا، تفتت حجرَ الطريقِ برقصتِها، تتحدّثُ فتتناقلُ حماماتُ الحيّ أحاديثها، وتسرّ بها إليهْ. جارتُها زينبْ، أختها عفافْ، طفلةُ جارتِها الاخرى زهراءْ يسرنَ معاً يدثّرنَ أقدامهنّ بماءِ العينِ يغسلنَ الثيابَ يتضاحكنَ ويغتسلنَ. تلجُ فاطمةُ الماءَ فيصطبغُ بوردها وريحانِها. وتقف جارتهمْ أم السادَة مِن بعيدْ، تمحّص الفتياتِ لعرسٍ قريبْ، ترتعشُ فاطِمةْ خشيةَ أن يسري عليها حكمُ القلمِ وتكونَ لماءٍ غيرَ ماءه.
تعودُ إلى دارِها جرياً، تلفّ السبحةَ بيديها، ترتديها، تفتت قليلاُ مٍنْ حجرِ (التربةِ) وتغمرهُ بالماءْ، وتربط بخيطِها عقدةً أخرى، وتطلبُ عونَ الله والميامينِ بأنْ تفيَ نذرها.

فاطِمةُ الما تهيأتْ يوماً لفقدٍ تخشى الفجيعةَ وتنتخيْ بـالصّالحين، وتنذر. ومامِنْ أحدٍ يصيبهُ ماءٌ وهو في غمرةِ النذرِ إلا ووافاهُ ما استوفى مِنَ الله.

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


دِلِلّوهْ يَالقَبُرْ نَامِ الّليَالِيْ طوَالْ



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

عين غير متصل   رد مع اقتباس