في كتاب ميلان كونديرا "الستارة" ذكر أن أحد الأساتذة قال لتلميذه يشجّعه على تجاهل النقّاد:"لاتخف هل سمعت ببلدٍ صنع تمثالا لناقد؟"! لو أردنا التدقيق لوجدنا كلامه صحيح لكن كلامه يحتمل شيئين:
1- أنّ الناقد منبوذ لهذه الدرجة
2- أنّه لايوجد ناقد بالأساس وبالتخصّص
عنّي أدعم الرأي الثاني كون النقد يمارس ولايمتهنّ هل نقول عن الأصمعي ناقد؟ هو فعلا مارس النقد وأشار للأبيات أجملها وأقبحها لكنّه راوي أكثر من كونه ناقد فقد كان يحفظ أكثر من 10000 آلاف ارجوزة فقط! وبخصوص الروائيين الحاليّين هل نعتبرهم نقّادا عندما يدلون بآرائهم حول بيتٍ او نصٍّ ما؟ لا طبعا لكنّ ذلك لايمنع كون الرأي الذي قاله الراوي نافذا وصحيحا فكثيرا ماأجد الراوي مصيبا في مدحه لبيتٍ او نصٍّ ما _إن سلم من التحيّز_ إذا هل سنكون مصيبين لو قلنا أن الراوي ناقد؟ وبنفس الوقت لو لم يكن كذلك هل لآرائه قيمة أدبيّة؟؟ كون سعة الاطّلاع أهّلته كيّ يميّز بين المميّز والأميز؟؟
وفي إطار آراء الراوي الأصمعي عندما كان يروي كان مسموع الكلمة فيمايخصّ جودة الأبيات وكذلك الشعبيّ الذي كان يحفظ كثيرا وكان عالما باللغة ف النقد أتى عن طريق الممارسة والدراية التي رافقت الحفظ والرواية - في حين كان سيبويه عالما للغة أنفذ منهما في الإطار اللغويّ وليس الشعريّ.