
كم مرةٍ سمعتُ نحيبها يتسرّبُ إلى أروقةِ سمعِي في سكونِ الليلِ ..
يأتيني صوتُها .. مهترئاً .. مرتجفاً .. تالفاً ..
بحبالٍ ممزقةٍ .. وأطرافٍ محترقة ..
أتسللُ إليها خفيةً ..
أتوارى خلفَ بابها المردود
وأرقبُها بارتباكٍ طفولي .. لأراها .. ساجدةً لله في ركنها المُعْتِم ..
ترجوه بهنهناتٍ متهدجة ..
وتدعوه بغمغماتٍ متقلّصة ..
وتطلبه بتمتماتٍ متكسّرة ...
لم أفهم منها سوى كلمة ( أولادي ) ..
أهربُ بوجلي إلى لحافي .. وأنفلتُ بداخل طياته ..
وأتلوّى بألمي .. وأمتَصُّ وجعي ..
وأدفنُ رأسي في كثبانِ مخدتي .. وأكتم صرختي ..
فالخوفُ على
يغرزُ سهامه في قلبي الصغير ..
وتمر الأيام ..
تليها السنون ..
ويألف سمعي ذاك النحيب ..
وتثمل عيني بذاك المنظر ..
ويسكنُ قلبي لتلك الهنهنات ..