
وَسَطَ حُجْرَتِي التي امْتَلأتْ بِأضْرِحَةِ ذِكْرَيَاتِكَ
أَتَكَوَّمُ وَحْدِي خَوْفاً مِنْ ليْلٍ بِهيمٍ
يُحَاوِلُ مَدَّ حِبَالِهِ ليَلسَعَنِي بِشِوَاظٍ مِن غِيَابْ
وَالزَّوَايَا حَوْلي تَشْكُو لَهِيبَ المَوْتِ الذي أحْرَقَ أحْشَاءَهَا مُنْذُ رَحِيلِكَ
كُلُّ الأشْيَاءِ تَرْغُو بِجِوَارِي
لا صَوْتٌ يُسْكِتُهَا إلاّ صَوْتكَ
وَ كُلُّ التَّفَاصِيلِ تَثْغو بِقُرْبِي
لا طَيْفٌ يروّضُهَا إلا طَيْفكَ
فَأيْنَ أنْتَ وَأيُّ دِيَارٍ نَأتْ بِكَ ..
أُمْسِكُ صُورَتَكَ بِيَدَيّ وبِالكَادِ أرَاهَا مِن خَلْفِ دُمُوعِي
أَتَحَسَّسُ الإطارَ بِرِفْقٍ وَاسْتَحْلِفَهُ بِاللهِ أنْ يَدُلَّنِي عَليْك
أُلَمْلِمُ شَعَثَ رَسَائِلِكَ وَاسْتَنْطِقُ كُلَّ حَرْفٍ فِيهَا لِيَقُودَنِي إليْك
مَاذَا أقُولُ لِشَعْرِي إنْ جَاءَ يَسْألُنِي عَنْ أصَابِعَك
أوْ لِعِطْرِي وَكُنْتُ لا أَضَعَهُ إلا مَعَك
بَلْ مَاذَا أقُولُ لِمِشْجَبِي إنْ جَاَء يَسْألُنِي عَنْ مِعْطَفِك
أوْ لِشَفَتَيّ وَكُنْتُ بِهِمَا أُسْعِفَك ..
خِوَاءٌ مَرِيرٌ طَاغٍ هُنَا
وَخَلاءٌ مُوحِشٌ لاَصِقٌ بي
وَحْدَهُ صَرِيرُ مِصْبَاحِي وَالرِّيْحُ تَلْعَبُ بِهِ
يُشْظِي زُجَاجَ الصَّمْتِ المُلْتَفِّ حَوْلِي
حَتَّى هُوَ يُوشِكُ عَلى تَرْكِي وَقَدْ ظَلَّ طَويْلاً صَامِدَاً في وَجْهِهَا
ليْسَ أمْرَاً ذَا غَرَابَة فَكُلِّ مُمْتَلَكَاتِي تَخَلَّتْ عَنِّي بَعْدَكَ
وَكَأنَّهَا تَرْفُضُ الانْتِمَاءَ إليَّ بِدُونِكَ
أتَقَرْفَصُ بِشِدَّةٍ رُعْبَاً
وَأَنَا أتَلَمَّسُ بُرودَةً قَاتِلَةً نَشَرَتْ شِبَاكَهَا عَلى مَسَاحَاتِ جَسَدِي
حَتَّى غَدَوتُ كَغِلالةٍ بَاليَةٍ مَزَّقَهَا شِتَاءُ غِيَابِكَ
مِنْ أيْنَ أحْصُلُ عَلى النُّوْمِ
وَقَدْ كَانَ رَأسِي يَأخُذهُ مِنْ كَفِّكَ
كَيْفَ أجِدُ الرَّاحَةَ
وَقَدْ اعْتَادَتْ نَفْسِي عَلى اسْتِسقَاءِهَا مِنْ هَمْسِكَ
ألجَأُ لأمْوَاجِ لِحَافِي أَدُسُّ أنْفِي في هَديرِهَا
وأنْبُشُ في ذِكرَيَاتِ المَاضِي المَحْشُورَةِ بيْنَ خُيوُطِهِ
بَحَثَاً عَنْ مُخَلّفَاتِ عِطْرِكَ
أتَشَبَّثُ بِوِسَادَتِي .. أزْرَعُهَا وَطَنَاً بِأحْضَانِي
وَأرْجُوهَا أنْ تُشْبِعَنِي بِبَقَايَا أنْفَاسِكَ
وَيمْضِي اللَّيْلُ وَحِيدَاً كَئِيبَاً يَبْكِي رِثَاءً لحَالِي
وَأبْقَى أنَا في مِكَانِي تَعِيسَةً بَائِسَة
نَادِبَةً لحَظٍّ رَمَانِي مَكْلومَةً في طَرِيقِكَ
وَلِزَمَانٍ طَرَحَ بي جَرِيحَةً عِنْدَ أعْتَابِكَ
وَلحُبٍّ تَرَكَنِي كَسِيرَةً أمَامَ أبْوَابِكَ
