منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - النقاد والشعراء انتم متهمين بأنكم حداثيين ومال شعركم معنى هنا
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-26-2009, 12:33 AM   #18
زمان الصمت
( كاتبة )

افتراضي


مساء الخير

الأخ القدير خلف .. موضوعك جميل جدا وأحببتُ أن أُشارك فيه ببعض ما عندي عن هذه القضية القديمة = الجديدة
.
لِنَعُد إلى الوراء قليلاً قليلاً .. إلى حيثُ أبي تمام شاعر العصر العباسي الذي امتلأتْ بشعره الصدور قبل الكتب .. فقد ثار في وجهه آنذاك كبار جهابذة النقد وليس أدلّ على ذلك من الآمدي في وساطته ، ولكنّ العارف يعقِل بأنها نزعة شخصية ضد أبي تمام أجحفتْ بحقّه كثيرًا ولو لم يكن له - أي أبا تمام - إلا أُستاذيّتُه للبحتري لَكَفَاه !!
تلك الهجمة بسبب خروجه عن عمود الشعر العربي " المعروف " وبناءه بعض قصائده على أشكال مخالفة ، و ركِّزوا هنا على كلمة " أشكال " فأبو تمام لم يخرج عن قواعد الكَلِم العربي الصحيح في شعره إلا من بعض تزيُّد الرواة عليه وهنا مربط الفرس ..والمهم أنّ أصحاب الحداثة قد جعلوه إمام الحداثيين بينما أخطأوا في التهجِّي إذ هوإمام المُحدَثِين !!

نأتي للعصر الحديث حيث جبران خليل جبران و سعيد عقل و السيّاب و أدونيس ونازك الملائكة وغيرهم ممّن جمعهم البعض تحت مسمّى " شعراء الحداثة " !!
بينما الواقع يقول بأنّ السياب و الملائكة - مثلاً - لم يخرجوا على نمط القصيدة الكلاسيكية إلا في " الشكل " فقط حيث نظموا القصيدة على وزن التفعلية و أوزان التفعيلة هي نفسها أوزان الشعر العربي المعروفة ولكن بتوزيع نمطيّ جديد أو - " دوائر شعرية " - ومغاير بحسب كل رؤية شعرية تختص بشاعرها ..
فأما الحداثة فهي تلك التي يكتبها أدونيس وليست إلا خروج على قواعد اللفظ العربي في التعبير عن المعاني كدخول " أل " التعريف - مثلاً - على ما لايصح دخولها عليه كقولهم " الْيَخُون " يريدون : الذي يخون ، فهذا خروج صارخ على قاعدة من قواعد اللسان العربي السليم حيث لم ينطق بها العرب الفصحاء وهل الشعر إلا نَفَسُ الشاعر إنْ كان عربيًّا أو أعجميًّا ؟!!
الإخوة هناك - وبالذات في لبنان - نافحوا كثيرًا من أجل هذه القضية واعتبروها قضية شخصية تعود لشاعرها حيث أنّ الشعر متنفّس الشاعر يكتبه كيف شاء ، ولهم الحق أن يكتبوا كيف شاءوا لكن ليس لهم الحق في فرض ذلك علينا نحن العرب - ونحن أُمّة القرآن معجز الكلام - واعتباره قضية مسلّمٌ بها وينبغي علينا الاعتراف بها ، قضية الشعر الحداثي مجرد حلقة من حلقات الثورة على كل ماهو تقليدي أو بالأصح على كل ماهو واضح وصحيح وكل ما يستقيم مع فطرة الإنسان العربي الذي انتظم الإسلام حياته بكلام القرآن العظيم ، نعم لهم الحق أن يُعبّروا ولكن مع ما يتّفق مع جِبِلّتنا العربية السليمة هذا إنْ كان يعنيهم هذا المتلقي العربي على امتداد الخارطة الجغرافية و الأدبية ..
الشعر الحداثي كما يُمثّله " أدونيس " ليس شعرًا من الناحية المعرفية وإنما شُعُور مُرسل على هيئة جُمَل مُدوزنة على إيقاعاتْ غريبة و بألفاظٍ أغرب فشعره لا يُشبه إلا القصائد المترجمة بشكل سيء ، فأما الشعر كـ فنّ لا تدعه العرب حتى تدع الإبل الحنين فإنه نظام صوتي ومعنوي وشعوري تُزيّنه الألفاظ الصحيحة المُعبِّرة عن التجربة الشعورية والشعرية في آنٍ معاً ولاحظوا كلمة " العرب " في الحديث الشريف فأيّ عربٍ يقصد صلى الله عليه وسلم ؟ أعرَبُ الفصاحة والبلاغة أم عربُ الهُجْنَة والمَسْخ اللغوي ؟!! ..
قد تقول بأنّ الشعر هو اللغة المحكيّة في مجلس الشاعر يُشكّلها كيف شاء ، نعم وهو كذلك ولكن أن تُفرض علينا لُغته المحكيّة الخاصة وتُعتبر أصل من أصول الإبداع فلا ، ولا أدل على سقوط نظريتهم إلا أنهم لم يضعوا لشعرهم قواعد وأصول كأي علم أو فنّ أو على أقل تقدير لم يفعلوا مافعله أصحاب الشعر الصحيح عندما وضعوا عامودًا للشعر العربي ،، وذلك أنهم " لم يستطيعوا " لعدم صحّة المعادلة الشعرية أو النظرية الشعرية التي ليس لهم دفاعُ عنها إلا اعتبارها راجعة لحال صاحبها ، وأيضاً نقول ما منع العرب الخُلّص الأوائل في أزهى عصور الشعر أن يقولوا مثلهم ؟ وما الذي منح أحمد شوقي إمارة الشعر في عصره ؟ هنا نُراجع الواقع لا المفروض فواقعنا تجاوز هذه المحاولاتْ السقيمة لنبذ كل أصيل
.
سيدي
لستُ مع ابن شلحاط ولا ضد عناد فكلّ منهما له طريقته و تجربته الشعرية ولستُ في معرض محاكمتهما لأنني لستُ مُخَوَّلَة ولا مؤهّلة لذلك بحكم عدم اطّلاعي على تجربتهما الشعرية وعلى الأغلب فلستُ مع الكثير الغثّ مما تُصدِّرُه صفحات المجلات الشعرية الشعبية أو غيرها فالرُّوّاد أودعوا أسمائهم في الصدور قبل السطور ومازال شوقي و صلاح عبدالصبور و أحمد محرم وحافظ إبراهيم والسياب و الملائكة والقباني وفاروق جويدة تلوح قصائدهم في الأُفق بعيدًا عن هذه المهاترات ، إنما أُدْلِي بما درستُ على أساتذة العلم البلاغي المُعجَز في القرآن الكريم وهو أبلغ و أرقى درجات الكلام فمَن درسَه حقيقة لا يمكنه بحال استساغة مثل تلك الألفاظ الخارجة عن سلامة اللسان العربي التي ينخر بها الحداثيّون جسد الثقافة الإسلامية الصحيحة
.
أخي الكريم
العذر منك ومن الجميع إن أغضبتُ أحدًا فها هنا مساحة لحُريّة الرأي التي أتمنى ألا أكون قد تجاوزتها ثم الشكر لكم جميعاً

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة زمان الصمت ; 08-26-2009 الساعة 12:43 AM.

زمان الصمت غير متصل   رد مع اقتباس