منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ رَجُـلٌ مِنْ ذَاكَ الزَّمَان ] -4 -
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2009, 01:27 AM   #2
حنان العصيمي
غُرْبة

افتراضي


· وقد بلغ من شدة عدل عمر وورعه أنه لما أقام "عمرو بن العاص" الحدّ على "عبد الرحمن بن عمر"

في شرب الخمر ، نهره وهدده بالعزل ؛ لأنه لم يقم عليه الحدّ علانية أمام الناس ،

وأمره أن يرسل إليه ولده "عبد الرحمن" ، فلما دخل عليه وكان ضعيفاً منهكاً من الجَلْدِ ،

أمر "عمر" بإقامة الحدّ عليه مرةً أخرى علانية ، وتدخل بعض الصحابة ليقنعوه بأنه

قد أقيم عليه الحدّ مرة فلا يقام عليه ثانية ، ولكنه عنفهم ، وضربه ثانية

و"عبدالرحمن" يصيح : أنا مريض وأنت قاتلي ، فلا يصغي إليه .

وبعد أن ضربه حبسه فمرض ومات ... !!


· خرج عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ، إلى السوق يوماً في إحدى جولاته التفتيشية ،

فرأى إبلاً سِمَاناً تمتازُ عن بقية الإبل ، التي في السوق بنموّها وامتلائها ؛

فسأل : إبل من هذه ؟ قالوا: هذه إبل عبد الله بن عمر ، فانتفض أمير المؤمنين مأخوذا ً،

وقال مُتعَجِّباً : عبد الله بن عمر ؟ بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين ، وأرسل في طلبه فوراً ،

واقبل عبد الله ، حتى وقف بين يدي والده ، وقال لابنه : ما هذه الإبل يا عبد الله ؟

فأجاب عبد الله: إنّها إبل أنضاء (هزيلة ) ، اشتريتها بمالي ، وبعثت بها إلى الحمى ( المرعى )

أتاجر فيها وابتغي ما يبتغي المسلمون ، فعقب عمر يعنف ابنه ويبكّته ،

ويقول : الناس حين يرونها ، اسقوا ابل أميرالمؤمنين ، ارعوا ابل أمير المؤمنين ،

وهكذا تسمنُ إبلك ، ويربو ربحك يا ابن أميرالمؤمنين ..

ثم صاح به : يا عبد الله بن عمر ، خذ رأس مالك الذي دفعته في هذه الإبل

واجعل الربح في بيت مال المسلمين .





· كان الجو صحواً ، والفراغ موجوداً ، والسعة حاضرة ، وفي مثل هذه الأيام التي تستهيم الناس ،

جاءت مسابقة ركوب الخيل في مصر بعد الفتح ، وكان من بين المتسابقين ابن حاكم مصر عمرو بن العاص .

وبعد جولة أو جولتين فاز بالسباق واحد من الأقباط المغمورين ، فاستدار ابن الأمير - كأنما هو جبل شامخ والناس في سفحه رمال -

فمال على رأس القبطي وضربه بالسوط وقال له: أتسبقني وأنا ابن الأكرمين ؟

فغضب والد الغلام القبطي ، وسافر ومعه ابنه من مصر إلى المدينة المنورة ،

يشكو إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هتْكِ العدالة والحرية ، ويطلب منه إنصاف ولده .

ولما استمع عمر بن الخطاب إلى شكوى الرجل تأثر كثيراً وغضب غضباً شديداً ، فكتب إلى والي مصر عمرو بن العاص

رسالة مختصرة يقول فيها : إذا وصلك خطابي هذا فاحضر إليّ وأحضر ابنك معك !

وحضر عمرو بن العاص ومعه ولده امتثالاً لأمر أمير المؤمنين ، وعقد عمر بن الخطاب محكمةًً للطرفين

تولاها بنفسه ، وعندما تأكد له اعتداء ابن والي مصر على الغلام القبطي ، أخذ عمر بن الخطاب عصاه

وأعطاها للغلام القبطي قائلاً له : اضرب ابن الأكرمين ، فلما انتهى من ضربه التفت إليه عمر وقال له : أدِرها على صلعة عمرو ،

فإنما ضربك بسلطان أبيه ، فقال القبطي : إنما ضربتُ مَن ضربني ،

ثم التفت عمر إلى عمرو وقال كلمته الشهيرة: “ياعمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا”؟




· قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه ( نعم يا بن الخطاب والذي نفسي بيده ،

ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك ) .رواه مسلم




· كانت السيدة حفصة ابنةُ الصحابي الجليل عمر بن الخطاب قد تزوجت ومات زوجها وهي ذات 21 سنة

فمضى عليها 6 أشهربعد وفاة زوجها ، ولم يتقدم أحد لخطبتها ،

فأراد والدها عمر أن يخطب لابنته بنفسه

فقصد أبو بكر الصديق و سأله إن كان يرغب في الزواج من ابنته حفصة ، فسكت أبو بكر ...

فذهب عمر إلى عثمان بن عفان و سأله نفس السؤال، فسكت عثمان ، وبعد أيام

عاود عمر إلى عثمان فوجده في المسجد يصلي ، ولما رأى عثمان عمر أطال صلاته ،

فتفطـّن له عمر ، وقال له : بماتجيبني يا عثمان ؟ فقال عثمان : إني الآن لاأفكر في الزواج ،

فغضب عمر من قول عثمان ، فغادر المسجد ، واتجه إلى النبي صلى الله عليه و سلم ،

وقصّ عليه ماجرى له ، فقال له النبي الكريم : إن حفصة ستتزوج من هو خير من عثمان ،

وإن عثمان سوف يتزوج من هي خير من حفصة ،

فابتسم عمر و أدرك أنّ الرسول يقصد أن حفصة ستتزوج بالرسول عليه الصلاة و السلام

وأنّ عثمان سيتزوج بإبنة الرسول السيدة أم كلثوم رضي الله عنها ، فخرج عمر وهو فرح ..

فالتقى في طريقه بعثمان ، فقال له عثمان : إن الرسول ذكر لي رغبته بالزواج من حفصة ،

لذا أعرضتُ ولم أفشِ سره ، ثم التقى مع أبو بكر فقال له نفس الكلام .





· ذلك هو عمر بن الخطاب : أمير المؤمنين ، الخليفة الثاني لرسول الله (ص) ،

الفاروق الذي فرّق الله عز وجل به بين الحق والباطل ،

رجل الموافقات الذي نزلت آيات القرآن الكريم مؤيدة وموافقة لكثير من الآراء

التي أشار بها على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهوالذي قال فيه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :

“كان والله حليف الإسلام ، ومأوى الأيتام ، ومحل الإيمان ، ومنتهى الإحسان ، ومأوى الضعفاء ،

ومعقل الخلفاء ، كان للحق حصناً ، وللناس عوناً ، بحق الله صابراً محتسباً ، حتى أظهر الدين

وفتح الديار ، وقوراًلله في الرخاء والشدة ، شكوراً له في كل وقت ، وكان نقش خاتمه “المعين لمن صبر”،

والذي قال عنه حذيفة بن اليمان : “ إنما مثل الإسلام أيام عمر ، مثل امرئ مقبل لم يزل في إقبال ،

فلما قتل أدبر فلم يزل في إدبار ”، وقال عنه عبد الله بن مسعود : “إن عمر كان حصناً حصيناً للإسلام

يدخل الناس منه ولا يخرجون منه ”.( رواه الترمذي ) .



وبعد كل هذا ...


من منكم أيها الأفاضل لا يتمنى أن يعيش عصراً كان فيه أبن الخطَّاب ولياً ...!









ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع :

- من فضائل العشرة المبشرين بالجنة: محمود السعيد الطنطاوي، طبعة المجلس الأعلىللشؤون الإسلامية بالقاهرة 2002م، 1423 هـ ص 98.
- سيرةالنبي: أبو محمد عبد الملك بن هشام، سلسلة كتاب التحرير بالقاهرة، ط 1384هـ الجزءالرابع ص 269 .
- بتصرف عن كتاب: من فضائل العشرة المبشرين بالجنة ص ،63 56 .
- من جريدة الخليج .

 

التوقيع





حنان العصيمي غير متصل   رد مع اقتباس