منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - أخاف الصورة
الموضوع: أخاف الصورة
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-20-2009, 01:22 AM   #1
حسين الراوي
( كاتب )

الصورة الرمزية حسين الراوي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

حسين الراوي غير متواجد حاليا

افتراضي أخاف الصورة



آسف لتقديم هذا الحزن في فجر هذا العيد ...




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


كنت أُحب الصوّر الفوتوغرافية بشكل كبير ، في البداية اعتدت أشعر أن للصورة حديث مؤنس تختزنه بين أضلاعها الأربعة ، لذا حرصت كثيراً فيما مضى أن أحصل وأحتفظ بصوّر أحبابي من الأقارب والأصدقاء والمعارف .عندما أشتاق لأحدهم في بُعده وغيابه وسفره ، اتجه لذلك الألبوم الذي لسنوات طويلة كنت أغرس فيه صوّر أحبابي ، كما يغرس البستاني الورود في أحواضها ، لأعيش مع من اشتقت له منهم ، بضحكته ومشاعره وجمال روحه التي اختزنتها تلك الصورة له في تلك اللحظات ، أنظر للصورة فأجد أني أرجع تدريجياً بروحي وذاكرتي للحظة تلك الالتقاطة الفوتوغرافية ، فأتدثر بحنين يستجلب من عيناي دموعها بهدوء ووجد عظيم يجتاح أضلاعي .


كلما رجعت لذلك الألبوم ، أجد أني فقدت كثيراً من تلك الوجوه التي غرستها فيه ، بسبب يد الموت ، أو بسبب حُكم الغياب البعيد ، أو بسبب قسوة ظروف الحياة ومصالح التي تفرضها علينا ، فأرى قلبي يضيق ذرعاً بحنين تلك الذكريات وتجتاحني غصة مُتعبة يضيق حلقي بوجعها .


أُمسك صورة .. فأُدقق فيها طويلاً ، ثم أسرح بذكرياتها ، فأقول : رحمك الله يا أخي رحمة واسعة ، كل شيء يخصك قد أنساه ، إلا ضحكتك التي أين ما اتجهت بوجهي وجدتها في مدى ناظري ، ترفرف فوقي كما يرفرف الحمام فوق الذي أدمنه ، ثم أُقبله بين عينيه ، وأتنهد بتنهيدة حدتها تجرح صدري ، ولا أدري هل كانت مجرّد تنهيدة أم أنها كانت قطعة زجاجة دامية زفرتها من بين أضلعي .

ثم أمسك صورة أُخرى .. فأعيد نفس شريط التعب معها ، فأرفع يدي نحو مدامعي أمسحهما وأقول : رحمكِ الله يا عمتي ، رحمكِ الله كم غمرتيني بالحُب والعطف والإحسان الذي لم يكن له حد ، رحمكِ الله عدد ما فرشتي سجادتك نحو القبلة ، وعدد ما رفعتي كفيكِ وطرفيكِ نحو السماء بعينين خاشعتين دامعتين ، وعدد ما كنتِ تسبحين الله وتكبرينه وتستغفرينه وتمجدينه ، وعدد ما كنتِ تسدلين لي من نصائح طيبة كنتِ تُحثيني فيها على الفرض والسنة ومكارم الأخلاق .

وأُخرج صورة ثالثة ، فسرعان ما أجدني أخشع لها ، فأضعها على صدري ، فتزيد خفقات قلبي ثم يُغمض لحظته على مدى ملبد بسُحب الألم ، وأقول : ونعم الصديق كنت يا عبدالله ، والله إني لم أُصادق أحداً بمثل طيبتك وحلاوة روحك ، رغم انك رحلة منذ سنوات ، اللهم أغفر لصاحبي عبد الله العوضي .
وأمسك بصورة رابعة ، فأرفعها نحو عيناي ، ثم أغمضهما على طيف زميلي فلاح ، فتمر عليّ بسرعة شديدة مشاهد كثيرة كانت بيني وبينه ، وأجد أن الدمع بحذر تسلل من تحت رموش عيناي إلى الخارج ، رغم أني كنت أُطبق رمشي بشدة على بعضه ، فأقول : رحمك الله يا فلاح ، رحمك الله كم عانيت من ذلك المرض الشديد ، واسأل الله أن يكون قد طهرك به في الدنيا قبل أن ترحل منها .
وما بين وجه قد مات ووجه رحل ووجه اختفى بلا وداع ، أمسك بصورة خامسة وسادسة وسابعة وووو .. فأجد أن الصوّر لم تذخر لي بين أضلاعها الأربعة أي شيء مؤنس ، بل وجعاً مُتعباً يقفز إلى داخلي كلما اقتربت من ذلك الألبوم .



أحبابي القراء ،

أُكررها : آسف . لكن ما يؤنسني أني أحبكم كثيراً ومنكم من يحبني كثيراً ،
لم أنوى أن أنشر هذه السطور في الشهر الكريم المنصرم .
بعد سنوات متعددة مع القلم والورقة والسطور وجدت وأيقنت أن أصدق وأنبل سطورنا
هي تلك التي نحاول أن نخفيها عن عيون الآخرين .




تقبل الله مِنا ومنكم
وأعاد الله عليكم رمضان وأنتم بحياة سعيدة .

 

التوقيع

لا تهتم كثيراً بوحدتك وصمتهم ،إنهم يؤدون صلوات الإعجاب بك سراً !!

alrawie1@hotmail.com
موقعي . . روح

حسين الراوي غير متصل   رد مع اقتباس