منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - غَمَــامْ
الموضوع: غَمَــامْ
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2010, 11:02 AM   #157
بعد الليل
( كاتبة )

الصورة الرمزية بعد الليل

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 9443

بعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعةبعد الليل لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


الواحدة بعد منتصف الليل


كنت قد بدأت في مراحل الخياطة النهائية لبطن المريضة عندما قالت لي الممرضة: يريدونك في قسم الطوارئ بعد انتهائك من العملية, نظرت إلى الساعة على حائط الغرفة وكانت تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل, ثم قلت لطبيب التخدير: يبدو أننا لن نذهب إلى بيوتنا الليلة ثم أكملت عملي.

بعد كتابة تقرير العملية وفي طريقي إلى خارج غرفة العمليات قل لي طبيب التخدير: سوف ننتظر مكالمتك للاستعداد للعملية الجديدة, فابتسمت وأكملت سيري خارجة.

وصلت إلى قسم الطوارئ وكان الطبيب هناك مشغولا كعادته فأخبرني بان هناك فتاة في السادسة والعشرين من عمرها أتت برفقة الشرطة مشتكية ضرب والدها لها ضربا مبرحا, وهو يحتاج إلى رأي أخر لتقييم الحالة بشكل أفضل.

توجهت معه والممرضة إلى الحجرة التي بها الفتاة وكانت تجلس على حافة سرير الفحص متشحة بالسواد وناظرة إلى أرض الحجرة. ألقت عليها التحية فرفعت رأسها بنظرة خالية من الحياة وتائهة وردت التحية ثم أعادت نظرها إلى إلى الأرض مرة أخرى.

بدأتُ أسألها فقالت أن والدها يضربها ضربا مبرحا على يديها وظهرها كل يوم منذ أن كانت في الثانية عشرة من عمرها. فسألتها مستغربة لماذا أرادت اليوم التقدم بالشكوى عليه؟! فأجابتني وعينها زائغة وتائهة بأن صديقتها أخبرتها انه من الأفضل لها إخبار الشرطة بما يجري لها. عندها اقتربت منها ووضعت يدي على كتفها وسألتها بعض الأسئلة العامة فأخبرتني بأنها الأخت الكبرى لستة أخوة وأخوات ووهي تعيش معهم وواليهم. وعندما سألتها إن كان والدها يضرب أيا من أخوتها فردت بالنفي.. و تعجبت من ردها!! فنظرت إلي وأخبرتني بأنه يريد إن يلمسها وعندما ترفض يقوم بضربها حتى ترضخ له. وحتى أكون أكثر دقة سألتها عما تعنيه بلفظ " يلمسها" فأخبرتني صراحة وهي تنظر إلى يديها بأنه يعتدي عليها جنسيا منذ أن كانت في الثانية عشر!! فسألتها إذا هي أخبرت أحد من أهلها أو أمها عما يحدث لها فأخبرتني بأنها فعلت ولكن لا يريد أحد أن يفعل شيئاً.. ربما لم يصدقوها.

ثم سألتها بعض الأسئلة الطبية وبدأت بإجراء الفحص عليها وهنا فوجئت بجرح كبير في صدرها فقد كان يمتد من أسفل رقبتها إلى أعلى بطنها وعندما سألتها عنه وأنا اعلم أنه يجب أن يكون اثر لجراحة قلب أجريت لها.. أخبرتني بأنه جرح قديم لعملية قلب أُجريت لها عندما كانت في العاشرة من عمرها. وهنا سألتها إذا كانت تتناول بعض أدوية القلب فردت وهي تنظر إلى سقف الغرفة: بعض الأحيان عندما يكون لدي المال!! فقلت ولم لا تطلبين من أبيك أن يوفره لك فجاء ردها كالطامة الكبرى التي أذهلتني حيث قالت بأنه يوافق ولكن بشرط ...!! ورأيت تلك الدموع التي فارقت عينها أخيرا لتُخبر عن ألمها, فسكت أنا أيضا وأكملت فحصي عليها.

بعد انتهائي من فحصها جلست أمامها وأخبرتها بأنني سوف أكتب تقريري عن حالتها ولكنها وحدها من يستطيع أن يشتكي أباها لاعتدائه الجنسي عليها وأنها ولابد أن تعرف الآثار الاجتماعية والنفسية عليها وعلى أفارد أسرتها بسبب ما سوف تقدم عليه من شكوى ضد أبيها بصورة رسمية وأنها لابد أن تستعد لكل هذا ووعدتها بأننا جميعا سوف نساعدها في مجالنا ولكنها ربما تخسر الكثير اجتماعيا, فأجابت بأنها تعلم ولكنها لن تخسر أكثر مما خسرت وأنها فقط تريد أن يتوقف هذا العذاب.

انتهى حواري معها وخرجت من الحجرة وأنا لا أدري كيف يمكن أن أساعدها وأخبرت الضابط المسئول عن شكواها ورجوته أن يساعدها ويتحرى الأمر لأنه لا يوجد لها من تلجا إليه بعد فقدها حماية أبيها!!

اتجهت إلى سيارتي بعد أن انتهيت من كتابة تقريري عن حالتها وكانت الساعة قاربت على الثالثة بعد منتصف الليل عائدة إلى البيت وأنا لا أرى أمامي إلا وجه تلك الفتاة وما يحمله من بؤس وذل وحزن. فقد فقدت درعها الواقي الذي كان من المفروض أن يقيها غدر الزمن ويحميها من شرور البشر ولكنه كان هو الغدر والشر الذي اضطرها أن تعلن للعالم كله جريمته الشنعاء وستظل هي من يحمل هذا الجرح طوال العمر.

ليلتها لم أنم إلى الصباح , لم تُبكيني قصتها فقط بل أحزنت قلبي وأدمته. وفكرت كم من الفتيات غيرها تنزع براءتهن منهن ويقيدن بقيد الذل والرعب من أقرب الناس لديهن؟! أتساءل لماذا يحدث هذا ؟ومنذ متى يحدث ونحن نجهل أو نتجاهل حدوثه؟ وما المستقبل الذي ينتظرهن؟ وماذا نفعل لنحمي الأطفال والمراهقين من عبث وشذوذ أقربائهم؟!

 

التوقيع



سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ

بعد الليل غير متصل   رد مع اقتباس