منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - تفاحةٌ مُحرّمة
الموضوع: تفاحةٌ مُحرّمة
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-2010, 12:47 AM   #3
سميراميس
( Shouq )

الصورة الرمزية سميراميس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

سميراميس غير متواجد حاليا

افتراضي




(1)


مِنْ بَينْ صحيفتين وَ خمسة أقلام مُتباهية الألوان و مُصطفّة فيْ علبةٍ أنيقة ، تقبع أنثى خلف ذلك المكتب المعتّق ذوْ الإطارات الذهبية

وَ تبدوْ مُشْتطّة نوعاً مَا بعدما زجّت بالصحيفة جانباً بعد قراءة عامود صحفي اعتاد صاحبه على مُشاكسة أرائها وَ إختزالها و زميلاتها من النساء
في بوتقةٍ يفصلّها هو وَ تابعيه كما يشاءون و كما تُمليَهْم الأعراف الجامدة . لا تزالْ " دانة " تُراشق أفكارها الأزليّة الحديثة بفكرةٍ مفادُها :

" لقد تقرحّت مِنْ إرتشاف فناجين هذا الجدال البيزنطي مع هؤلاء وَ الرواسب المُرّة ، وَ مَا حصري في زاوية بسيطة في ملحقٍ لجريدةٍ توزّع يومياً بالمجان إلاّ منفى مُتاح لأفكاري ، لذا لنْ أتوقف وَ سأستمر فيْ الكتّابة وَ مشْط كلماتهم الأحادية "

يقطع جمهرتها معْ الشذرات الباطنية تصاعد رنين الهاتف وَ تجيب : أهلاً دانة عبد الرحمن تتحدث
......... : طاب مساءك آنسة دانة معكِ صحيفة " الياسمين " الأدبية
دانة تستدرك هويّة الآخر جيداً بعينين مترقبتين : أهلاً بكم ، صحيفتكم منارة أدبية زاخرة بالعلامّات الأدبية الثقافية
مسئول التنسيق وَ النشر : يشرفنا أن نسمع هذا من الأديبة النائشة " دانة عبد الرحمن "
دانة مُتعجبة : شكراً جمّاً ، لقد منحتموني ما فوق المستحق بهذا النعت
مسئول التنسيق و نشر المقالات : هالةٌ أدبية أنتِ يا آنسة دانة ، و تقريظك للشعر و نثر المشكلات الإجتماعية بقالب أدبي أسر قراءتنا حقيقة
دانة مُنتشية : هلْ أعجبك مقال اليوم " زواج القاصرات إلى متى " ؟
مسئول التنسيق : جداً وَ مَا جعلنا نتفق على الإشادة بك هو قدرتكِ على زخرفة مواضيعك بأساليب أدبية و صيغ بلاغية لا تنفكْ عن طوق السياق الحاضن للقضية
دانة : جميلٌ جداً أنْ تكون الزاوية الصغيرة القابعة في أعلى الصحيفة متكأ لثمة قراءات
مسئول التنسيق و النشر : هذا مَا جعلنا نتصل بك يا آنسة دانة ، نحن نطمع في أن تنضمي
لكوكبة كُتابنا و أدباؤنا و ذلك بتخصيص عامود صحفي لكِ كل يوم " ثلاثاء " ما رأيك ؟
دانة تلجم المفاجأة : نعم وَ لكن
مسئول التنسيق و النشر : فكري بالأمر و نآمل أن تلبّي النداء بالإيجاب لأننا نحرص جداً
على إحتضان قلمك
دانة بأريحية : وَ هل سأحظى بمساحة حُرية شاهقة لبث أفكاري ! ،
أمْ أن هناك رابطة آخرى ستتكبد و تجاهد لتكنس ما أكتب كما هو الحال فيْ الصحف الآخرى !
مسئول التنسيق و النشر : آنستي دانة تعلمين جيداً نظام " الياسمين " و لا تخفيك نظرة المجتمع لصحيفتنا و إختزالهم لها بالتغريبية و المتعصرنة و ذلك فقط لأننا نعطي كُتابنّا مساحات شاهقة من الحرية
دانة : حسناً ، سأفكر بالأمر شكراً لك

سحبت الجريدة الأم التي تبنت موهبتها ككاتبة موهوبة بالأدب وَ تياراته ، و راحت تقرأ للمرةِ الثالثة مقال الكاتب " د . عبد الوهاب الصالح "
و هو يفنّد الأفكار التي بثتها في زاويتها المنكفأة عالياً في غُرةِ الصفحة الثقافية على اليمين .
صهلت داخلها مهرةً منتشيّة بعد الحنق إذ كيف لكاتب عتيق متفرد في عامود صحفي يسبق اسمه حرف الدال و بعمرِ والدي أن يولي زاويتي الصغيرة إهتمام ، بل و يزايد في كيل التهم و يجعل منها سيلاً ذو زبد و كأنه يهم بجرف الأفكار المخالفة له .
لم تتعجب دانة كثيراً لأن هذا الكاتب الحاصل على دكتوراه فيْ الفقه و التشريع لا يختلف عن بعض رفقاؤه من الحاصلين على الدكتوراه من نفس الجامعة المُجيزة ، نعم هم لا يختلفون أبداً بإيمانهم بالفكر الأحادي ، فهؤلاء وحدها أرائهم الصحيحة و دراساتهم المفيدة المُباركة ، وَ في الحقيقة نجد أنَّ تبريراتهم مستهلكة اعتادوا أنْ يرددونها بناءاً على التلقين المنقول لا على إستنطاق المعقول . تساءلت هل استمر فيْ زاويتي الصغيرة و يراقبني مَنْ لم أنتظر تعقيبه ليكرمني بعامودٍ صحفي و جزالةٍ جعلتني معرفة بعد كينونة كنت بها نكرة !
أمْ أغادر لأحلّق قي سماء لا سقف لها ..!
وَ كيف قد أجني ثمرة أو سوءة خط سيري إذا لمْ تشرعن حدود و إشارات !
لا تقلقي يا محبرتي و لا تسأم يا قلمي أنّ ما يظهر من تساؤلات على السطح هي نتائج حتمية خصوصاً بعدما صودرت وقفاتي حول " زواج القاصرات "
و تم إلصاق توجهاتي بالطيش وَ العصرنة ، و خصص لي الدكتور عبد الوهاب الصالح عاموداً صحيفاً بأكمله يفنّد و ينقض دلائلي و براهيني ، و لم يتوانى عن تفسيق أفكاري لمجرد أنني أنثى و الأنثى لديه غير قادرة على إستقراء أي وضع ، فما بالك بوضعٍ تقرّه ملكاته و تلهث له رغباته بين حين و آخر . لا تندثري ذعراً يا نقاط حروفي ،
نعم أنثى أنا يأخذ الحرف على محبرتي شكل المغفرة و الأنا ،
أنثى أنا ضاعفت حروفها هموم الجائعون للقاصرات ليتسابقون فيْ زجي في غياهب الطيش وَ اللا دراية .
أنثى أنا بنانها خالطت الآفاق أدباً و اهتزّت ثمة جدران ، لذا تخضبت البنان بقوى منطقية لا تأبه تفنيداً وَ لا تكترث لعامودٍ صحفي لمجرد طلاءها باللون الذي تريد على أظافر حرفها .
أنثى أنا نثرت لغة لم تستطع آفاق الأحادية أن تحمل رؤياها ، لذا ختم الدكتور عبد الوهاب نهاية مقاله الجائع الحانق " خلقت من ضلعٍ أعوج "
فكيف لها أنْ تأتي بإستقامة و براهين و فطرتها عوجاء !
و كأنه يستثير شبق الجوع عند المرضى ذوي الشغف بالقاصرات بغوايةٍ تراقص ثمة تفاحاتٍ طاهرة تنتظر قطفها من حدائق مقاله وَ التصفيق له .
و لمْ تخلو إشاراته لهم تحذيرهم من زراعةِ " تفاحة محرمة " في جنائنهم المُباركة ، لأنها سامة جوفاء قد تقيأ الدود في لُبها وَ لا سبيل لإصلاح ما تبقى من بستان التفاح ما دامت مغروسة به ، إلاّ بحرق جذورها تلك المحرّمة ، و لا مجرّماً لجنايته حتى البستاني ذلك الذي عُرف بحبه للأشجار و تشذيب عطاءها لمْ يفصح عَنْ ولاءه لتلك التفاحة لأنهم قدْ لقنّوه أنها محرّمة ، وليبارك الرب فيْ رجولته وَ عظمته لابد و أنْ يخرسها أو يكنس قولها لأنها لا تنتج إلا فساداً و شراً مستطيرا . و أي تفاحة تتمرد على شجرتها فهي عاقّة حسب منظور الدكتور عبد الوهاب !
و لِمَ يختزل كينونة الشجرة بمبادئه وَ التفاحة المحرّمة بالفكر المخالف له لست أعلم ! ،
و لكنها مبادئ الأحادية المستفحلة ناراً فيْ أفكاره و جماعته و شيوخه الأخر الذين لقنوه ذلك جيداً !
وَ أخيراً ألمح الكاتب الدكتور في عاموده الذي يضم من الحشو و الإستظهار ما الله أعلم به
فكرةٍ مفادُها مبطّن وَ كأنه يتجرع القول العربي الأزلي «ما للنساء والخطابة والكتابة ، هذا لنا ولهنّ منّا أن يبتن على جنابة»
قطفت دانة إشارته الرمزية و التي جعلها مبطنّة بإزارٍ مِنْ حرير وَ ستائر من هندباء بريّة
" أي تفاحة تتمرد على شجرتها فهي عاقّة ؟ "
و هل قصد أن يذكرني بقصتي الأزلية مع والدتي ؟
و من يكون و كيف يعلم .. !
سحقاً لهكذا فكر يختزلك بخطيئةِ أحدهم ، فقط لأنك غصن نبت من جذعِ تلك الشجرة !
أو لا يعلموا أن بعض الغصون تتبرأ مِنْ الأشجار !
حَزنٌ لَا يَسْتضيفْ فَرح في جوف دانة الآن وَ شَوْقٌ مَصْلوُب وَ رسول حظ لاَ يمَوت .
بيَن أصقَاعِها الوْقت يشيرُ حيْث اللاسعة إلا شهقتين وَ كأنه الموعد الذي لا يحين ، الموعد الذي تؤجله دانة في كل صُخب .
سُخطاً هَو ذلك ! َثمةُ عُريٌ يَلتهم إحتشام صمتها ، فالكلماتُ فيْ صدرها تبدوْ عاهرةٌ فِي جوفِ راَهبة سمَاوية ، تَسْتَنشقُ رائحة المطر وَ تزدري مِنْ خُبز المَوتى
الأدْخنة تَتشكل فِي الغَسق لَتُعلن لها عَنْ حقيقة " استمري ، وَ لا تكترثي لقولهم طالما حجبتِ قولهم و أنتِ صغيرة ما يمنع و أنتِ بهذا العمر ! "
قررت دانة على الأقل حالياً على أن تستمر في الجريدة الأم ، لأنها ستفنّد مقالة د . عبد الوهاب الصالح ، و سعدت كثيراً لأنه قد منحها بطاقة تعريفية و أضحى لها متابعين كُثر أولهم سعادة الدكتور الأحادي الفكر و المنطق



 

سميراميس غير متصل   رد مع اقتباس