منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - [ فِي رِحَابِ المُصْطلح ] : -11-الشكلانية ..(( منابع لاتنضب ))
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-2010, 06:51 PM   #31
قايـد الحربي

مؤسس

عضو مجلس الإدارة

افتراضي


:

الأجمَل : د.باسم

قلتَ : " إلا أن الاتكاء على علم النفس سيحول النصوص إلى عيادات نفسية والكتاب إلى مرضى نفسيين .. ؟؟؟ "

وَ أقولُ : بأنّ الاتّكاء على أيّ علمٍ ، في دراسة النّصوص ، ما هُو إلاّ فَتْحٌ بَابٍ في جُدُره ، فَـ إنْ لم يَزِدْه ضوءاً ،
لن يزيْده ذلك عَتْمة .

:



من دراسةٍ طويْلةٍ في نَص [ كيمياء الغي ] للشّاعر [ فهد عافت ] ،
أخترتُ البِداية إذْ :
" ساور الشاعر يقينه ..... في النجوم ... البرتقال اللي يقشر عاشقينه "

عند سَـورة اليقين تتأهب الأشيـاء للحقيقة وتَـهِـبّ ريـحٌ تفتح الموصد من الأبواب في وجه الصدق .... بعد ذلك لا تملك إلا أن تُصدق ما يُـقال أو يُـرى.
هذا ما أكده الشاعر وصدقنـاه في ضوءٍ سابق من أنّ كل ما سيقـال حقيقة ماثلة وسورة يقين جازم حدّ الأكيد .

وَ هنـا أولى الحقائق التي بدأها الشاعر وسَورته تخالط يقينه إذ يقينُـنا من يقينه
ليس للشك طريقٌ موصل ... بل حقيقةٌ وحقيقة منها نبدأ كما بدأ لنقول :

في علم النفس يستخدم الطبيب ما يسمى بـ [ التداعي الحـر ] وَ هوَ :
أن يرمي سنارته في بحرٍ هادئ حدّ الجنون وبها طُـعم الكلمة التي ستأتي وتستدعي ما بجوف هذا البحر ، من غير حسبانٍ إلا حسبان الطبيب ...
كأن يُلقي بكلمة " ليل " !!!!
نهار / خوف / ريح / ظلام / مصباح ... وهكذا يصطاد في مياه عَكرة لتَـتَثجّـج .

و شاعرنا هنا اسـتسقى كلمة " برتقال " لتهطل الكلمات من سحابتنا ... ، ولكن أينا الطبيب ومريضه .. أنحن المرضى وهو الطبيب ؟ .. أم نحن الأصحاء وهو المريض ؟
لا نعلم .. فالصحيح مريض حتى تثبت صحته ، والمريض صحيح حتى يثبت مرضه ، وسيجلى الضباب في حرفٍ قادم .

عندما تثمر الشفاه بكلمة " برتقاله " تتشابك الأغصان وتُـحرك الرفرفة الهدوء لتتساقط الكلمات ........ برتقـال :
أصفر
:
دائرة
:
حدود
:
شجرة
:
تـراب
:
أرض
:
وطن .


نعم " وطـن " بالتأكيد هذا ما أراده الشاعر : وطنٌ وحدود ، و عطـاء بلا حدود ..
بحـرٌ مالح و شجـرٌ مثمر ، رمال فاقعة وخُطوة شاسعـة.. ،
والشاعر غصنٌ إنْ لم يجد انتمـاء لجـذر مات ضمـأً وأمالته الريح وكسّرته المنافي ..
والوطن للشاعر غايةٌ إن حققـها اكتفـى بها عن شِـعرها ، هو باحثٌ ومُستجدٍ ، والوطن
عابثٌ غيـر مُجدي عندما يستوطنه شاعرٌ غـنّـاه إلى أن استغنـاه .

الشاعر لا يريد وطناً من اختياره ، بل لن يخطُر في باله أن تُتـاح له حرية الاختيار فهو يعرف القدر جيداً .. كل ما أراده ويُريده أن يضمّـه وطنٌ ولِد على أرضه كان المهد الحنون لطفولته لن يضيره ما سيكون هذا الوطن أو كيف سينظر إليه في المستقبل ... تكفيه نوارس الضفـاف ، وزُرقـة البحر ، ورماديّ الأسرار على أطراف أمواجه .... تكفيه شيطنة الطفولة ، وصحبة البراءة أو براءة الصحبة على الأرصفة .

الوطن أصـلٌ وجذور .... تاريخ ٌ ومجد .... انتمـاء ونَماء .. الوطن / حياة وقلب
أو نواةٌ ولُـبّ !! .. نعـم الوطن لُـبّ كل شيءٍ وأصله ، وأفراده ملتصقين به وإليه منتمين كالتـصاق القشـور بالنـواة وانتمائهـا لهـا .

هذا هو الوطن عـشـ .. ق وحُـب من أرضه إلى سمائك ... أنت سماؤه وأمنُه أنت قشـوره وحمايته ... التصاقك انتمـاءٌ وعِـشق ولكنا له شَـفّ... و شَفَـق.

ولكن أن يُـقـشِّـر البرتقال / الوطن عاشقيه هنـا تبدأ رحلة الأمكنة وعملية الاستنبات لها بأي شكلٍ أثمر لأنّ الوطن حبٌّ وشعور ، والشاعر آلهة الشعور والحب.

بداية المنفى والتيه وتيقّن من الشاعر ببداية الخُـطى ولكنها خُطى بدون طريق ، وهذا ما حدث وطـنٌ / مكـان نفى الشاعر رغم عشقه له والآن يبدأ استيطان الشاعر بما هو خاضٌ به ليس لغيره الحق في هذه الأوطان / الأماكن القادمة لأنه الوحيد المتحمل لنتائج ما سيحدث.


1998م


:

مَودتي الخالصَة لك .

 

قايـد الحربي غير متصل   رد مع اقتباس