_5_
"عندما وصل الاسبان لمكان ما بالمكسيك سألوا سكّانها وقالوا:ماإسم هذه الديار؟ , أجابوهم الهنود وقالوا:يوكاتان , فقاموا بتسمية المكان بهذا الاسم في حين أن معنى كلمة يوكاتان هي (لاأفهمك) ! "
كان روبرتو متحمّس جدّا لمغادرة سان دومنغو كي يذهب إلى بنما أو المكسيك أو إلى أيّ مكان لم يكن يعد للهنود وزن كانت الأرض وكأنّها تقول هيت لك لكن عائقا ما منع روبرتو من الذهاب ألاوهي الحمّى! وبعض الأمراض التي داهمت جسده فجأه فأفسدت عليه فرصته! , ينبغي لنا أن نعرف ماهو أكثر سلاح فتّاك جاء به الأوروبيون للقارة الجديدة بالتأكيد ليست البنادق فهي ليست قادرة على إبادة أكثر من 40 مليون هندي ولوحدها وكذلك ليست المدفعيّة التي لم تستخدم إلا متأخّرا وكذلك ليس الطمع والجشع ولكنّها الأمراض! نعم قدم الرجل الأبيض محمّلا بأمراض قارته القديمة والتي ضاقت بها تلك القارة العجوز فتمّ نقل الكثير منها للقارة البكر \الجديدة والتي عانى أبناؤها تلك الأمراض الغريبة ولم يعرفوا لها علاجا ولم ينوي الرجل الأبيض أن يقدّم ذلك العلاج بالطبع فهو أصبح حليف المرض ضدّ العدوّ المسالم!
عندما تحامل روبرتو على نفسه ومشى قليلا رغما عن الحمّى كان يشاهد المرضى من حوله وأحسّ بأنّ القارة حانقة على النزلاء الجدد كان الجوّ رطبا وحارا عاد ليستلقي ليأتي أحد المهاجرين واسمه خوان فوق رأسه ويؤانسه ويتحدّث إليه ويحاول طمأنته بأنّ المرض سيزول قريبا
روبرتو:
"حدّثوني عن الدون فيغا الذي قدم هنا ومات بالحمّى!"
خوان:
"وماذا قالوا عنه؟ المسكين أتى إلى هنا وأراد أن يكمل بقيّة حياته الأخيرة في العالم الجديد كان يحبّ الاكتشاف لكنّه مات سريعا"
روبرتو:
"يالله لاأتخيّل كم أنّ الانسان قد يكون تعيسا لدرجة أنّه يضيّع آخر لحظات حياته كيّ يموت في عالمٍ غريب مجهول وبعيدا أن أصحابه كان الأجدر به أن يبقى وأخشى أن يقول أحدهم هذا الكلام عنّي لاحقا"
خوان:
"لاعليك فيغا كان مريضا من قبل ولم يكن شابا مثلك ثمّ ان هذا العالم لم يعد غريبا فهو يوما بعد يوم يزداد ألفة ومن يدرِ قد يأتي أبناء الدون فيغا ليدفنوا بالقرب منه"
استبشر روبرتو قليلا كان مليئا بالحسرة جرّاء تلك الأمراض لم يدر في باله أنّ طموحه سوف يعترضه حاجز كهذا عند أوّل خطوة ومما زاد الطين بلّة خوفه من الموت المبكّر فالمرض قد يؤجّل رحلتك لكن الموت يؤجّلها للأبد ,كان يحسّ بأنّ الأغلال تطوّق أحلامه وكأنّه يرى مفاتيح تلك الأغلال ليست بالبعيده لكنّها في يد لحظة ستأتي في يومٍ ما