تركي الحربي
ـــــــــــــ
* * *
مُذ خُلق للدولة سيفٌ - أيّ - سيف وقد خُلقَ [ مُتنبّيها ] عند ذلك الخلق .
ومُتنبيها - هذا - إمّا للقول : بأنّ هذا السيف المسلول ماهوَ إلا ظاهرٌ وأصفُه ،
وإمّا للكذبِ بأنّ السيف المُغمَد مسلولٌ وظاهرْ ،
وإمّا للكذب بأنّ هناكَ سيفٌ مسلول خلافَ حقيقة عدم وجوده .
المعضلة في أنّ [ الشعر ] لا يُفرّقُ بين هذه الأصناف حينما يتّجه إلى ذاته
متّخذاً [ السحر ] في ذلك - وهو حقٌ من حقوقه - لكنّه ليس بحقٍّ للشاعر .
في زمنٍ امتلأ بالسيوف التي أفضتْ إلى تكاثر [ المتنبين ] لابدّ أنْ تجد بينهم
- أي السيوف - مَن خطأٌ وُجوده ولأنّه الأساس الخاطئ فما سيُبنى عليه خاطئٌ أيضاً
ليُصدّروا لنا ما يُلوّثُ طبيعتنا .
كَذبُ تلك السيوف يستلزمُ [ قائلاً ] يُوهمُ بقوله الآخرين ليُصدّقوا بأنّ تلك السيوف صادقة
أي صادقة بأحقيتها في امتلاك قبضة السيف - بَدْءاً - وانتهاءً بأفضليتها على العالمين .
ولأنّ [ العرب ظاهرةٌ صوتيّة ] فكل قولٍ يؤثر بقناعاتهم تغييراً - لا تطويرا -
والتغيير من الصدق إلى تصديق الكذب في تلك السيوف عملٌ لا يقوم به إلاّ [ متنبٍّ ] يُجيد
القول والتزييف .
أيضاً في زمنٍ كهذا لم يعد هناك متنبٍ جيّد يُمتعنا بذلك التزييف لأنّ المتعة في القول
أخفُّ الضررين وهي كفيلةٌ - إنْ حدثتْ - بإزالة الصدأ عن تلك السيوف .
تركي الحربي
وحرفك خالقٌ لكلّ حرف
شكراً لك