منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - مسودّة _2_
الموضوع: مسودّة _2_
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-2010, 11:35 AM   #10
عبدالعزيز رشيد
( شاعر وكاتب )

افتراضي


_10_



"ماريّا
المليئة بالنِعم .."*

جملة لطالما وجدت على ترتيلهم وسط أناشيدهم


بينما كان البحّارة يتطلّعون لرؤية بنما المطلّة كان روبرتو وحيدا يتلو صلواته وهو يتذكّر كلّ ما حفظ ويسأل نفسه هل كنّا صادقين بإيماننا؟ خاف أن تكون أمريكا الأرض التي سيزرع بها دين يدّعي الإيمان ولكنّه يرفضه من غير الاسبان! بدأت النوارس تداعب صواري السفينة وبدأ البحّارة يتطلّعون للأفق أكثر لقد رأوا ذلك البرزخ الذي يفصل بين المحيط الأطلسي والهادئ بضع كيلو مترات فقط كانت تفصل بينهما ولو كان مفتوحا لربّما حكمت اسبانيا بلدانا أكثر وجثمت على صدور شعوب أكثر كذلك لكن وكأنّ أمريكا خافت على أبنائها ومدّت في أرضها لتتصل وتمنع السفن الاسبانيّة لكي تجبرها على المضيّ بعيدا جدا جدا إلى مضيق ماجلان المرعب كي يصلوا للهادئ!

وصل روبرتو لبنما كان الأرض أجمل من هسبانيولا كثيرا كانت الأرض خصبة جدّا ومثاليّة البحر يحيط بها والغابات تغطّيها والسكّان ودودون لقد وصلوا إلى مستعمرة سكنها البيض وعندما اجتمع برفقة خوان مع العديد من المغامرين كانوا يرووون حكايات الذهب حكايات الشعوب الغريبة أحدهم قال:"ألبسوني بالذهب حتّى كدت أختنق "! وآخر يقول:"لم أجد الذهب لكنّي حصلت عليه بعد أن أخذت عشرين صبيّا عندي وبعتهم كعبيد لم يكن الثمن أكثر من إشهار سيف مهترئ"! عندها وجد روبرتو رجلا كان جالسا وكأنّه لم يكترث للحديث فخمّن أنّه قد تشبّع منها وهو يعلم بها كثيرا ففضّل الجلوس معه ومنادمته

روبرتو:
" سيدّي مرحبا"
الرجل:
" محربا بك أيّها الشاب تعال اجلس يبدو أنّك لم تستوعب مايقولون؟"
روبرتو:
" لقد طفقت من كلّ هذا أريد أن أسمع حديثا بعيدا عن رنين الجشع"
أجاب الرجل مبتسما:
" كلّ ماحولنا يدعو للجشع , تخيّل أنّك تأتي لبلدة ما هناك في اوروبا لم تتجرأ وتحاول الحصول على شيء من غير حقّك لأنّك تعرف أن هنالك من يمنعك لكن فمابالك بقومٍ يقدّمون ذلك لك وكأنّهم يقولون:نريد أن نمنعك من أخذ ماتبقّى فلانستطيع منعك بغير ذلك ؟!, سيقفز الشيطان النائم في جوفنا ويطمع أكثر لاأدري أحسّ بأنّ هؤلاء الحمقا_الهنود_ طعمٌ من الشيطان كي يوقعنا وكأنّه اختبار من الربّ كي يرينا فضاعة طمعنا وجشعنا"
روبرتو :
" سمعت عن أمور فظيعة جدّا يقولون بأنّ كورتيس كان قبل أن يدخل قرية هنديّة يقدّمون له الذهب والفضّة ويعدّون الولائم من أجله وبعد أن يأكل كلّ شيء يعود بالذهب الذي أهدوه لهم ومعه زعيم تلك القبيلة عبدا هو وأسرته!"
الرجل:
" ذلك لاشيء انّها جنّة الخطيئة الهنود هنا وديعون جدّا وبشكلٍ ساذج عرفت شعوبا طيّبة لكن لم أدرك بأنّ هنالك طيبة حمقاء كهذه بل كان الرجال يأخذون مؤنة الشتاء لديهم ليتركوهم للموت بردا بل ويأخذون معهم أجمل النساء ليتسلّوا بهم وهم بالطريق وبعدها يلقون بهم إمّا طعاما لكلابهم أو للوحوش البريّة لم أعرف شعبا أحمق كهذا كان يقدّم الولائم بمناسبة موته!"
روبرتو :
" ولكن ألم يأمر صاحب الجلالة أن تكون هذه الأرض اسبانيّة ومسيحيّة؟ أم أن الهنود امتنعوا"
الرجل:
"عزيزيّ لقد كنت مبشّرا لكنّي تركت كلّ ذلك فهؤلاء كفّار على كلّ حال وثمن الحصول على ذهبهم أغلى من إيمانهم"

صعق روبرتو وهو يسمع كلماته وبدى عليه الخوف لم يكن يتصوّر أنّه سيكون مثلهم في يومٍ ما بالواقع إن الشعوب قد تفتن وكذلك كان الاسبان لقد أتتهم فتنة الذهب والسلطة والسيطرة وبثمنٍ بخس الانسان أضعف عندما يسيل لعابه من مغريات الدنيا يبدو كالحيوان ان لم يكن مؤمنا صادقا في وجه الجشع والطمع كانوا يقضون ثلاثة أشهر وهم بالسفينة التي تبدو وكأنّها سجنٌ مقيت في عرض البحر يمشي كان القباطنة متسلّطين والطعام رديء والأجواء سيّئة ومع ذلك لم يمنعهم شيء من المضيّ قدما بدى وكأنّ العالم أصبح أكبر من ذي قبل لكنّه بالواقع أصبح أصغر مع الاكتشافات الجديدة فالمسافة بين القسطنطنيّة وروما كانت تعتبر كبيرة جدّا في ذلك العصر لكن وبعد اكتشاف أمريكا أصبحت قصيرة وكأنّ المسافة التي كانت تفصل بينهما انتقلت بين اسبانيا والعالم الجديد! ومع كلّ اكتشاف كانت المسافة تقصر في أعين الطمّاعين

"روبرتو خوان "
أحد الرجال قام يناديهم ولم يكن إلا احد بحّارة تلك السفينة وأكمل قوله:
" تعالوا القبطان يريدنا فورا"

ترك روبرتو الرجل ورحل بعد أن ودّعه وعندما أتوا عند القبطان أخذهم مع مجموعة كبيرة منهم إلى مكانٍ ما كان أشبه بالبيت الكبير أو القصر بقياس العالم الجديد قام القبطان بتحيّة رجل كثيف الللحية وكثيف الحواجب عيناه كانت غارقة في وجهه وكأنّها تخفي أمور كثيرة ملامحه حادة قاسية لم يكن ذلك الرجل إلا فرانشيسكو بيتزارو وكان قد عاد قبل ثلاث سنوات من مدينة تمبيز لم ينسى منظر تلك المدينة وهيبة الامبراطوريّة التي اكتشفها عاد وهو محمّل بالكثير من التباشير والذهب والمغامرات كان قد بدأ يشتهر على أنّه أحد رجال العالم الجديد المغامرين الجشعين كان الزمن قد غادر 1530م إلى 1531م عندما عاد إلى العالم الجديد وهو يحمل الاذن المهيب من الملك شارل الخامس باكتشاف أراضي الأنكا ومعه الأمر الذي يقضي بتعيين بيتزارو حاكما على كلّ الديار التي يفتحها! بدى الأمر واضحا عندما عانق القبطان بيتزارو لم يكن بحّارته وهو إلا جزء من تلك الرحلة والتي ستنطلق قريبا فقد غادر القبطان هسبنيولا أواخر عام 1530م ووصل في كانون الثاني 1531م وعلى أهبة رحيل لاكتشاف الأراضي الواسعة

"أنت محظوظ الكثير قضى فترة من عمره كيّ تتاح له مثل تلك الفرصة للبحث عن الذهب والألدورادو"!
هذا ماقاله بينتو أحد البحّارة ليجيبه روبرتو:
" الألدورادو؟"
بينتو:
"نعم مدن الذهب"!!

 

عبدالعزيز رشيد غير متصل   رد مع اقتباس