الفصل الثالث:
سمعت طرقاً خفيفاً على بابها وصوت شقيقتها ينادي عليها:
" ليلى...ليلى.."
لم تكن تدرك ليلى ما هو الوقت هل هو صباح أم مساء وكم استغرقت وهي نائمة.
لبرهة ظلت دون حراك تحاول أن تسترجع أحداث يومها وهل هي حقيقة أم خيال أم أقرب لحلم يقظة.وابتسمت رغم حزنها كيف أن الأحداث تجري بخلاف ما كانت تتوقعه لهذا اليوم.
وكيف كانت رؤية أحمد واقع مؤلم وكم طاب لها هذا الواقع.
تحسست بيدها على الطاولة حتى أخذت هاتفها المحمول وشاهدت الوقت..
"يا الهي لم أكد أكمل الساعة وأنا نائمة"
والآن وقت الإفطار ولن يرضى أبي أن يجلس على الفطور من دوني. شديد الحنان علي وخاصة بعد وفاة أمي وقد يكون تأنيب الضمير لما فعله بي وبـ أحمد يجبره على هذا الاهتمام الزائد.ولكن لا يعلم باني قد غفرت له قسوته علي وقتها وباني أؤمن بان هذا قضاء الله وقدره وان في فراقي لـ احمد خير كثير ومازلت أنتظر هذا الخير.
تنبهت على الطرق مرة أخرى وأجابت
"حسناً..ها أنا استيقظت"
ترددت ليلى ماذا ترتدي فبحثت عن قميص بلون فاتح وكان السماوي موفق لـ يعكس لو القليل من النور على وجهها المرهق وارتدت معه تنوره جينز طويلة فهي تعلم مسبقا رأي والدها في طريقة لبسها .واعتادت عليه.
رفعت شعرها للأعلى كذيل حصان فكرت أن ترتدي طوق على رأسها ولكن تراجعت فهي تشعر بـ صداع شديد وقد يزيدها هذا الطوق ألما فتركت خصلات شعرها من الأمام على طبيعتها .
توجهت للصالة ووجدت والدها متابع للتلفاز فلم يشعر بدخولها. تقدمت له وقبلت جبينه وكف يده
" كيف أصبحت يا والدي"
"بخير ولله الحمد.كيف حالك أنت؟ لم أعتاد منك أن تنامي إلى هذا الوقت"
"بخير وصباحي سعيد بك ومازال الوقت مبكراً يا أبي!!
"نعم مبكر..ولكن دوماً أنت من يستقبلني صباحاً..أم أنا مخطأ"
ابتسمت له وهي تحتضن يده وتقبلها" بل أنا المخطأة ومنذ متى يخطأ أبا محمد..سأرى الفطور"
دخلت المطبخ وهي تسأل شقيقتها-نورة- عن الإفطار.
"ما هو فطور الوالد"
"لقد طلب قرص خبز مع لبن "
"الم يطلب معه سمن وعسل"
"سألته ولكن يقول لا رغبة له بهما"
"أممممم..هناك شي أساعدك فيه"
"نعم..يا حبذا لو تنقلين الفطور له.فـ لقد استيقظ أبنائي وسـ أذهب لهم قبل أن يقلبوا البيت رأسا على عقب..ويغضب من في البيت:"
"لا رجاء اذهبي لهم قبل أن يغضب والدي فهو الأهم".
دخلت ليلى للصالة ووضعت الفطور لوالدها وسألته.
"أبي..هل خرجت من المنزل اليوم؟"
أجابها دون أن يرفع عينه عن طعامه وهو يقطع القرص الجنوبي"لا.." وأتم عبارته وهو ينظر إليها
"غريب سؤالك..هل هناك شيء"
"لا أبداً..ولكن الحظ أن الجو اليوم رائع" وفي باطنها توبخ نفسها على سؤالها لوالدها.فقد يكشف أمر خروجها هذا الصباح ومصادفة خروجها قدوم أحمد.
قال:"لكن منذ أسبوع ونحن ننعم بهذا الجو الجميل..ما المختلف فيه اليوم"
" لا أعلم..كان مجرد سؤال فقط لا غير"
"إذن افطري هيا قبل أن يبرد الأكل"
أخذت ليلى قطعة وهي لا تشتهي الزاد أبداً ، ولكن لم ترغب أن يلحظ والدها شيء من أمرها.
بما أن أبي لم يخرج فهو لم يقابل العامل فحتما ليس عنده خبر بقدوم أحمد..واحتمال أن يكون العامل هو من جاء لأبي واخبره..إذن لم أراه هكذا هادئ..ربما يحاول أن يبدو هادئ وربما لم يعلم....
"ليلى...ما بالك يكاد يغفو القرص في يدك وأنت في عالم آخر من السرحان" قطع والدها حبل أفكارها مخاطبا لها.
"هاه.." وابتسمت فزعة وكأنه قرأ أفكارها..
" كنت فقط أفكر بابنة خالي وكيف حالها الآن"
" بالطبع سعيدة..وكم أتمنى رؤيتك عروساً أيضا ولكن لا أعلم حتى الآن سبب رفضك لكل من يتقدم لك.
" ناقشنا هذا الأمر مرارا وتكرارا..ولا جدوى من فتحه الآن.أم قد مللت وجودي معك"
"سامحك الله قد أمل من قلبي بين أضلعي ولا أمل منك"
"ما شاء الله..ما هذا الحديث الصباحي الرائع"..ودخلت نورة وصوتها يعلو بعبارتها هذه.
ضحكت ليلى..وهي تتمتم في داخلها.
" الحمد لله قد يكون وجود نورة نجاة لي من والدي وفتح موضوع الزواج"
مر ذاك الأسبوع ثقيلا وطويلا على قلب ليلى..والدها لم يخبرها بشيء ولم تلحظ عليه أي تغيير
ولم ترغب هي في الخروج أو مقابلة أحد.فـ كانت تحترق كـ ورقة مزعت سلفا ومن ثم كان لنار الحزن نصيب منها.
يا لغباء هذا العامل أيعقل أن يكون نسى أن يخبر والدي..ولماذا لم يعد أحمد.ليت استطيع أن أسأل أحد عنه أو عن مكان تواجده هل هو هنا أم عاد لـ جدة؟
يا رب مالي لا أكف عن التفكير به..ومن أين خرج لي أحمد هذا وكأن لم ينقصني سوى عودته ليزيدني ألما فوق ألمي..
مازال صوته يرن في أذني وهو ينادي بأسمى..أعلم لم يكن يقصدني ولكن أشعر أنه لم ينطق اسمي يوما سوى مناداة لي أنا..أنا فقط
وكان هناك وقتها صوتا ينادي..
"ليلى...."
"ليلى.."
"الا تسمعين ام أصابك صمم" نطق والدها عبارته وهو غاضب.
انتفضت بقوة..وانقبض قلبها بشدة.وكأنها تنتظر ماكانت تتوقعه.
واجابته:
"نعم..يا أبي" وعسى أمره خير صوته لا يبشر بخيرأبداً..اللهم يسر كل عسر..
يتبع...