منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - المثقف / المجتمع / السلطة / النص
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-25-2010, 12:39 PM   #4
ماجد الذيبان
( كاتب )

الصورة الرمزية ماجد الذيبان

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

ماجد الذيبان غير متواجد حاليا

افتراضي (2)


السلطة/ النص

كما أسلفت لن ندخل في جدل تعريف السلطة/ فهناك مدارس كثيرة تعالج هذه الإشكالية مثلاً السلطة كصاحبة العنف المشروع
أو السلطة و أنواعها و خلافة
بل نقول بأن ما يهم هنا هو هذه العلاقة بين السلطة و النص فنأخذ السلطة لا كتعريف سياسي اجتماعي بل كواقع
أي من يمتلك السلطة ( القوة السياسية المرغمة لكل القوى) في بلد معطى و من هنا نتجنب التنظير و نعتمد الواقع
و من هنا نقول بأن أي سلطة في ثقافتنا عليها أن تستمد شرعيتها من النص حدث هذا في تاريخنا و يحدث الآن
ولكن بطريقة مختلفة فلا يستطيع أحد أن يدعي أن حقه في السلطة منصوص علية في النص لسبب بسيط وهو أن التجارب أثبتت بأن الكل يستطيع أن يؤول النص ليبرر شرعيته
فما العمل إذن؟
الحل هو في توظيف النص ( لا يعني هذا أن السلطة في تاريخنا لم توظف النص إلا في تاريخنا المعاصر)
أو الإدعاء بأنها ( أي السلطة) تنفذ النص وذلك بأن تحيله إلى واقع / أنه التوظيف الأيدولوجي لكن السلطة لا تستطيع أن تشتغل بالنص
انها تعتمد و تسخر من يشتغل به
أي المثقف و رجل الدين و هنا في اعتقادي الحلقة الأضعف التي نستطيع أن نكسرها و نمنع اتصال السلسلة في شكل دائري و هذا ما سنوضحه
إذاً نخلص من هذا أن حقل المثقف هو اللغة و المجتمع يسلم بالحقيقة اللغوية و السلطة تريد توظيفه هذا هو الرابط الخفي بين الحدود الثلاثة
هذا هو الخيط الذي ينثني أوله على آخرة فيشكل حلقة كل نقطة تحيل على الأخرى حتى تحيل آخرها على أولها فلا نعرف هل يستطيع المثقف أن يبدع دون مجتمع مبدع
ولكن المجتمع المبدع لابد بأن يكون مجتمع من أفراد ( مثقفين) مبدعين
ندخل سلسلة شرط المجتمع للمثقف و شرط المثقف للمجتمع فلا نعرف مخرجا
وهنا أريد أن أذكر بأن المشاركة تجاهلت كل الإشكاليات المفاهيمية و الفلسفية و العلمية لأنها لا تريد بحث مفاهيم أو بحث فلسفي أو اجتماعي
أنها تبحث عن ذلك الشيء الغامض الذي يهرب منا فما أن نحدده كسبب حتى يختفي في النتيجة و ما أن نحدده كنتيجة حتى يختفي كسبب
انه يعيش على السطح و ينتقل عبر السطوح انه يعيش في علاقة دائرية
بين حدود ثلاثة لا في تلك الحدود انه بينها لا فيها لذلك احتجنا إلى أن نرصده في المابين لا في الحدود
ولذلك اعتمدنا على المشترك بين التعريفات الثلاثة ( المثقف-المجتمع-السلطة)
و المشترك أفقي بينما البحوث العلمية الدقيقة و المتخصصة هي عمودية
و لا يعني هذا أن كل إشكالية مصدرها علاقة لا تحتاج إلى معالجة عمودية بل أن المقام يتطلب هذا المقال فالمشاركة ليست ببحث علمي أو فلسفي كما نوهت سابقاً
بل هي مشاركة تحاول أن تشارك مشاركة أخرى نفس الأسئلة
و أطمع في أن هذا التبرير يقنع القارئ بأن يعذر المشاركة من طلبها المستمر بالتسليم لتعريفات جاهزة دون نقاش فلسفي و منهجي يمهد لها
فالغرض هو المسك بالمشترك الذي ينساب بين سطوح الحدود لا في الحدود ذاتها
كيف لنا أن نكسر الحلقة بعد أن عرفنا أن النص هو بمثابة الصمغ الذي يجمع أجزائها

سحب البساط الخطابي اللغوي من تحت السلطة
قلنا بأن حقل المثقف هو اللغة والسياسي يعتمد على المثقف ليمده بحقائق لغوية ( بعيدة عن الواقع)
لأن السياسي يستطيع توظيف اللغة أكثر من توظيف الواقع و ليس أسهل من ذلك خاصة في مجتمع يقبل الحقيقة اللغوية و لا يعير اهتمامه للحقيقة الموضوعية الواقعية
فمادام السياسي يتماهى مع النص فله الطاعة و أن ضربك على ظهرك أو أخذ منك مالك/ فهو لا يبحث عن آثار الظلم على ظهره بل في خطاب السياسي
و مادام هذا الخطاب يبدأ بالبسملة و ينتهي بالصلاة و السلام على الرسول الكريم فنعم الخطاب و هل هناك من كلام أعدل من كلام كله قال الله قال رسوله؟
و من هنا على المثقف أن لا ينتج خطاب يَسهُل امتطائه ( كما فعل الخطاب الديني) علية أن ينتج خطاب يسبق السياسي و يتجاوزه
كيف ذلك سوف اضرب مثال في كيفية امتطاء السياسي للخطاب
قبل عقدين كان مصطلح "الديمقراطية" مصطلح ينتمي إلى خطاب كُفري هكذا تم تصويره من قبل المثقف الذي يعتقد بأن لغتة الجاهزة لا تحتاج لمصطلحات أعجمية
و كذلك رجل الدين الذي بحث في قاموسه المقدس فلم يجد الديمقراطية بين دفتيه. فنفاها الأول بحجة أن قاموسه اللغوي القومي ( إذا كان المثقف قومي) لا يحتاج أن يستورد كلمة تنتمي إلى خطاب إمبريالي
أو أن قاموسه الثورجي ( إذا كان المثقف يساري) في غنى عن مصطلحات برجوازية. بينما الآخر ( رجل الدين) رفضها بحجه أنها بدعة و لم ترد في قاموسه المقدس.
ماذا عمل السياسي ؟ لا شيء أنه بحكم برغماتيته لا يهتم إلا للخطاب الواقعي ما يقوله الناس في مجالسهم , في مقاهيهم
( ربما لهذا السبب يستخدم المخبر في المقهى أكثر من استخدامه إياه في بيوت الثقافية و الجمعيات الثقافية)
و في الآونة الأخيرة أنتشر مصطلح الديمقراطية وأصبح خطاب يومي للمواطن عندها أصبحت الديمقراطية أكثر مفردة ترد في أي خطاب قائد عربي.
هناك من ادعى الديمقراطية بين ليله وضحاها واهتهم المعرضه بالوهن والعجز بتقديم خطاب سياسي ناضج
محاولة لوضع اليد على حق تداول مصطلح الديمقراطية الخطابي يذكرنا بوضع اليد على النص المقدس من قبل السلطات الإسلامية في تاريخنا سواء الأموي أو العباسي
أن السياسي يريد أن يتماهى مع الديمقراطية يريد أن يقنع الشعب العربي أنه الوصي عليه
تتكرر لفظة الديمقراطية مرات عديدة في كل خطاب سلطوي مثلما تكررت لفظة " قال الله تعالى" في الخطابات السلطوية التاريخية
ما يريده السياسي هو أن يقنعنا بأن الديمقراطية موجودة و بما أننا نؤمن بأن الوجود لا يحتاج أكثر من واقع لغوي نصدقه حتى و ان كان الواقع المادي نقيض ذلك
مثال ما يحدث مرة أخرى في المشهد السياسي المصري/ الحزب الوطني يريد الديمقراطية بس الأخوان المسلمين عائق حقيقي تجاه التطور نحو الديمقراطية
بينما الواقع المادي لمدة ثلاثين سنة يقول بأن الحزب الوطني يرفض الديمقراطية و يعمل ضدها بينما الواقع المادي لا يحتفظ بأي تجربة ضد الأخوان لأنهم لم يستلموا السلطة قط
أن السياسي يريد أن يحيل كل فكرة كل مصطلح كل نص إلى واقع لغوي فقط بينما يبقى هو وحده في الواقع المادي
من هنا يأتي دور المثقف/ علية أن يجعل الواقع اللغوي هش لدرجة أنه لا يحتمل أي إحالة من جهة السياسي
أي أن اللغة تسبق السياسي تربكه على المثقف أن يكون هو سيد الواقع اللغوي
أن السياسي لايهمه في الواقع اللغوي إلاالمتن و منها على المثقف أن يدافع عن الهامش وماان يتحول لهامش إلى متن حتى ينقلب علية المثقف و ينتج هامش مناوئ له
هذا هو نضال المثقف أن ينقد كل استعمال سلطوي للغة أو النص علية أن يكشف لنا عن كل استعمال ايدلوجي للغة
علية أن يفكك البديهيات و المسلمات و يقوم بمسائلتها أن أي نص بما فيها هذه المشاركة و بما فيها رد القارئ و كذلك الخطاب السياسي
و غيره يقوم على جملة مسلمات و يستعير من خطابات و نصوص سابقة و وظيفة المثقف أن يرصد تلك المسلمات و يشكك فيها و يكتشف لعبة الاقتباسات اللا منتهية داخل أي نص بما فيها النص السياسي
هنا فقط يرتبك السياسي و يكتشف أن خطابة دائماً يأتي مفضوح و مكشوف و أن اللغة قد سبقته و المجتمع يتعامل بلغة أكثر تعقلاً و تقدماً عنه
وهنا قد يسأل سائل ولكن أين ثنائية المجتمع و المثقف ؟
وهذا سؤال وجيه فالكلام السابق كان يحلل ثنائية المثقف / السلطة
ولكن من قال أننا نريد أن نكسر العلاقة بين المثقف و المجتمع كما كسرناها بين السياسي و المثقف؟
أن دور المثقف في المجتمع ( ودائماً من منظور لغوي) أن يمد المجتمع بنص جديد
أنا مع أن يهتم المثقف بدوره وهو أن ينتج نص ثم ينقده فينتج نص آخر. بذلك يثري لغة المجتمع
( اللغة كوعاء فكري لا كمفردات)
أي أن يثري مكتبته و تراثه الكتابة تعني جعل الشيء قابل بأن يتناول فكرياً من هنا على المثقف أن يكتب و ينهمك في فعل الكتابة و يجعل من كل مقدس و محرم بضاعة فكرية قابلة للنظر
و يترك لإفراد المجتمع فعل القراءة. و أن يترك لقانون التراكم الكمي يفضي لتغير نوعي دور التغيير في المجتمع
و التاريخ يشهد على ذلك. فمن يعتقد بأن فولتير كتب " كاندد" مثلاً في مجتمع متسامح و خلاق فعلية مراجعة التاريخ. فولتير كتب باسم مجهول و هاهو المجتمع الفرنسي يتجاوز فولتير و أحلامه.
خاتمة// هذا لا يعني بأن حقل المثقف الحقيقي هو اللغة لا و إلا ماذا نصنف مثلاً هابراماس ( وريث الفلسفة النقدية في علم الإجتماع)
أو مثلاً كارل بوبر ( عالم) أو حتى كارل ماركس ؟ ولكن نحن ننظر إلى العلاقة بين المثقف و السلطة و المجتمع من خلال النص
و إذا ما اعتمدنا هذه النظرة فأن حتى النص العلمي ( وهو نص ثقافي) يدخل في هذه العلاقة
أولم تمتطي الهتلرية نصوص علمية في تبرير اديلوجيتها بتقدم العرق الآري؟
و إذا كان هذا المنظار جائز لتطبيقه على مثقفين الغرب أوليس من الأولى اعتماده على مثقفين ينتمون لثقافة رافدها الأساسي النص و اللغة؟
دمتم

 

التوقيع

الكاتبُ الكبيرْ
هو الذي تَنْخُرُ في عظامِهِ
جُرْثُومَةُ الشَجَاعَهْ
والكاتِبُ الصغيرْ
هوَ الَّذي يَبْلَعُ قبلَ نَوْمِهِ
بُرْشَامَةَ

ماجد الذيبان غير متصل   رد مع اقتباس