منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ما خبأتهُ تحت وسادتي
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-26-2010, 09:12 PM   #7
صبا الكادي
( كاتبة )

الصورة الرمزية صبا الكادي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

صبا الكادي غير متواجد حاليا

افتراضي


الفصل الرابع:

"نعم...نعم يا أبي خير إن شاء الله"
"ومن أين يأتي الخير..وقد جاء هذا العفريت..ودمر كل شيء"
كان والدي في قمة غضبه لم أراه هكذا منذ فترة طويلة
فـ أدركت بأنه قابل أحمد..وإن أحمد ارتكب حماقة لا تغفر له.
ونظر لي والدي نظرة...وكان فيها من الحسرة ما فيها.
فـ شعرت بانقباض مفاجئ في حنجرتي.وبصوت ضعيف يختنق داخلي وبالكاد خرجت حروفي.
"من هو؟؟ وماذا قال؟"
وبصوته المرتفع "من.؟!.وتسألين وكأنك لا تعلمين".
فقط أدركت حينها أن قيامتي الصغرى قد قامت..وخارت قواي وخانتني ركبتاي وكدت اسقط مغشيا علي..
هل علم والدي بأني رأيت أحمد..كيف؟..
لا أدري ولكن هذا هو الخوف الذي سيطر علي الآن.ولكن لم أتعمد هذا اللقاء والله شاهد على قولي.
وللحظة كان الصمت يحتضن خوفي وأنا أقف عند مدخل البيت ووالدي أمامي يقف عند أشجار الرمان.
لـ يخترق مسامعي صوت أبي قائلاً:
"آخر ما كنت أتوقعه أن يصل به الإهمال واللامبالاة لهذه النتيجة."
وتنبهت أن يديه كانت تشير للأرض المبتلة بل الغارقة في الماء رغم أن الجو صحو ولا أمطار منذ يومين.
وشعرت لوهلة بان الهواء يدخل لرئتي..وتنفست الصعداء بهدوء وتابعت النظر له وفي عيني سؤال له
أدرك هو مغزاه وأجابني:
"سعد أبن شقيقتك انظري ماذا فعل.هدر الماء وكأنه لعبة لا قيمة له. أغرق الأشجار وذهب هدراً،
وأنتم تدركون قيمة هذا الماء.ولكن لا تراقبون تصرفاتهم"
ابتسمت بسعادة وبراحة تامة..
"ماذا أصابك وتبتسمين..لا ينقصني غير أن تقومي بالتصفيق له على فعلته" وجه كلماته لي بتوبيخ شديد.
وتداركت الموقف سريعاً وأقبلت عليه اقبل رأسه واهدي من نفسيته.
"فداك يا أبي..المهم صحتك لا تغضب هكذا ، هو طفل ولا يدرك ما يفعل"
"أعلم ولكن أين العامل المهمل هذا..والله سـ يندم على فعلته"
" وكيف تقولين فداك..هذا ماء أم نموت عطشاً أفضل"
ضحكت وقلت له:"لا تبالغ يا أبي الماء ولله الحمد من البئر يصل لنا.وليس كـ غيرنا يتكلفون مشقة تعبئة الماء"
"وهنا المشكلة بأننا لا نقدر قيمة النعمة التي نحن فيها، وأنت تعلمين أن منسوب الماء هذا العام اقل من الأعوام الماضية"
" معك حق.ولكن صحتك أهم، أعود وأكرر كلامي..هيا للداخل..وسعد سـ أقوم أنا بتوبيخه"
دخلنا للمجلس المخصص للرجال.وكانت له جدران بـ لون البيج الهادي وجلسة مرتفعة باللون ألكحلي والذهبي.
وطاولة رخامية في الوسط وقطع من التحف الفخمة على سطح الطاولة وفي زوايا مختلفة من المجلس
وله ستائر ملكية ممتدة من أعلى السقف وتلامس أرضية المجلس بـ كل انسياب.
كان والدي وكذلك شقيقي محمد حريصين أن يبدو المجلس بهذا البهاء أمام الجماعة.
وكم كنت اكره تفكير والدي وأخي هذا. الاهتمام باختيار قطع الأثاث شيء جميل.
ولكن إن كانت النوايا من خلفه استنقاص الغير ممن لا يستطيع أن يوفر ما هو غالي
لإثبات بأنهم يملكون الكثير من المال، وربما كان هذا إحدى اسباب رفضهم لـ أحمد،
فـ هنا لا أرى في مجلسنا جمال.
جلست أمامه وأنا أتأمل وجه المسن وكيف تتغير ملامحه عندما يكون غاضب.
"هل ترغب بالقهوة" سألته وأنا أعلم بأنه الوقت المفضل له لتناول قهوته.
فـ أجابني:" لا..ليس الآن انتظر ضيف إذا جاء أرسلي القهوة لنا.واحرصي أن لا أرى لك طرف أو اسمع لك صوت"
استغربت كلام أبي فهو يعلم بأني حريصة إذا كان عنده ضيوف أن لا أكون قريبة من مجلس الرجال
فـ كيف يلمح لي طرف..أو يسمع صوتي.
"حيا الله من يأتي..ضيوفك لهم الكرم..وابشر بما يرضيك"
ورد بعصبية" إلا ضيفي هذا..استغفر الله سـ أذهب لـ أستعد وقومي أنت للداخل وجهزي الضيافة"
وقام قبل أن يمنحني فرصة أن استفسر عن هذا الضيف.ولكن أدركت كل شيء وكنت على يقين بأفكاري وقتها
وأنها ليست ظنون مثلما كانت تراودني خلال الأسبوع الماضي.
والدي غاضب من زيارة هذا الضيف..وليس من تصرف ابن شقيقتي.
وحتما هذا الضيف هو "أحمد" اعتقد هو الوحيد الغير مرحب به عند والدي بل عائلتي كلها.
لذلك أكد أبي أن لا يكون لي أي تواجد هنا حتى لو خيال.وهذا مالمسته من أوامره لي.
" يا بنية..ماذا دهاك أم تنوين استقبال الضيف..هيا قومي"
وشعرت بتشنج شديد في معدتي من الخوف والرهبة ومن القادم الغير مرحب به..
ومن حدة تعامل أبي معي.وقمت مسرعة للداخل وأنا أكاد أن اصطدم بوالدي وأنا أتمتم" حاضر..يا أبي"
توجهت لـ المطبخ.وأخرجت صينية التقديم والتي كانت تعكس صورتي فيها..
وتأملت وجهي فيها.. بل شريط حياتي القادم..فـ السابق منها أحفظه عن ظهر غيب.
"يا ترى ماذا تخبئ لي هذه الحياة بعد..الم تكتفي من عذابي. حتى تعود لي بـ أحمد وبـ ذكرياته
لم يكن ينقصني مزاج أبي هذا..والحمد لله أن محمد غير موجود لكان الوضع أكثر صعوبة،
وشعرت للمرة الثانية بألم شديد في معدتي فـ وضعت يدي على قلبي وكأنه هو السبب في الم معدتي.
فـ شعرت بـ نبضه المتسرع والذي ازداد مع سماعي لـ صوت الخادمة وهي تخاطبني فـ اجفلتني
" الوالد ينادي عليك..وأنت لا تسمعين"
" هه..أبي"
توجهت لـ خارج المطبخ وأنا أجهل أين هو.
وترددت إلى أين أذهب لو ذهبت لـ المجلس لربما وبخني أكثر وخاصة بعد تحذيره لي.
أذهب لـ غرفته ربما تكون فرصته ليفتح موضوع أحمد معي .فتسمرت في مكاني وتحسست لـ صوته
ومن أين سيكون مصدره.
وكان من خلفي يحدثني وهو واضع يده على كتفي.
"أشعره بإعياء يا ليلى"قالها بـ صوت هادي أقرب للمتعب.
ألتفت إليه ورأيت شحوب وجه وكيف كان مصفر وارتجاف يده في يدي وأنا امسك بها محاولة إسناده لأقرب كرسي.
وأنا في دوامة الخوف تكاد تعصف بي..ولا مجال عندي أن أكون ضعيفة أمام ضعفه هو.
وتفكيري منحصر في حالة أبي الصحية وما حل به فجأة هكذا..
" أبي..بـ ماذا تشعر؟..دعنا نذهب للمستشفى"
وأغمض عينه بـ هدوء ورمى برأسه للخلف.....................ليسقط حينها قلبي عند أقدامي.
وأجثو على ركبتي عنده وأخاطبه بـ صوت مرتجف..
"أبي....يا حبيبي رد علي..هل تسمعني"
يتبع..

 

التوقيع

فراغٌ مُزدحم..


التعديل الأخير تم بواسطة صبا الكادي ; 03-26-2010 الساعة 09:17 PM.

صبا الكادي غير متصل   رد مع اقتباس