تلفتي يميناً وشمالاً حواليك ستجدين كَمّاً وفيراً من بكائي، وضحكي، وغنائي، ومرحي، كان يوماً من الأيام جار حسك، يشارك الدمعة من عينيك هطولها، ويؤاخي البسمة من شفتيك ورودها، عيونه إليك متجهة، وشعوره نحوك ملتفت، ولو تكلمت الأروقة والمداخل في بيتك لقالت لك عني ما هو كفيل أن يرش على صفيح جبروتك شيئاً من وفاء، أو قطرةً من صفاء، أو ذرة من تذكر أيتها الناسية الساهية .
كنتُ لك وفاء الطائر لا تقلانه جناحاه بعيداً عن خلانه حتى تلقيا من جديد به بينهم، وفي الطير -لو أدركنا الحقائق- تسطير الوفاء آياتٍ معلوماتٍ لكل ذي لب..فبرغم إقصائه، وتنفيره، وبرغم قدرته على خفة التحليق ليجد في الأجواء بديلاً..برغم ذلك يحن لعشه الأول ولو مروراً يتذكر به زغب الخطى الأولى بين يدي الحب الأول.
كنتِ تمرين على نحيبي فلا تعيرين الدموع مسحة إشفاق، وتمرين على مواقد شوقي فلا تأبهين بناره ، وما ناره إلا أنتِ أيتها الظلوم القاسية..ولما ضاق الصبر بمستودعه في صدري ضربتُ كبد الطريق بعداً، وما زادك البعد إلا إصراراً يا مثال النسيان لأحبابه..