وكأن بمجموع تصرفاتك الأخيرة يسألني سائل : أتكره المرأة المحبة حبيبها في كلماتها القاسية عليه؟؟ ..
والحقيقة لا تتعدى الوقوف على طبيعة الأنوثة هنا؛ فإن المرأة العاشقة لا تخاطب حبيبها الخطاب العادي الدارج، لأنها لا تجد في عينيها شيئاً يشبهه، وكذلك لا تجد في خلدها كلاما في الوجود يناسبه، ومن هنا فإنها لا تعلن عن حبها له إلا بمقدار ما تشترط عليه هو من التوجه لها، والإنصات لصوت حبها بمقدار حبها، وشغفها..فإن رأت من حبيبها ما ينم عن هجر، أو نسيان، أو ترك، أو إيثار مكان غير مكانها مهما كانت في ذلك صورته.. حينها لا تخاطبه بلسان عادي، ولا خطاب عادي كما يخيل إلينا في طبيعة الخطاب العادي، إنما تود لو أنها مزقت حجاب الكون ليسمع حبيبها القالي صرخة شوقها إليه..ولو قدرت على أن يكون في صوتها ألف صوت، وفي بكائها ملايين الدموع، لجمعت ذلك كله لتقول له: بكل هذا مما لا حصر له من الوله والشوق كنت لك وبك ومنك.
وقد يخيل إلينا أن في ألفاظها فظاظة المبغض بيد أنها في قمة الحب، وما تفننت في تشعب طرق التعبير إلا بعد أن تخيلت حبيبها القالي أصم عنها في كل خلية من جسده، ومعرضاً عنها بكل ذرة في قلبه، فنوعت أساليبها لتدخل إليه عن طريق آلاف القنوات المفضية إلى قلبه.